استطاع معرض الرياض الدولي للكتاب، منذ انتقال صلاحياته في عام 2020 إلى وزارة الثقافة ممثلة في هيئة الأدب والنشر والترجمة، أن يُكّون فضاءً معرفيًا، ويقدم تجربة ثقافية تبادلية بين كلٍّ من الكتاب والقراء والناشرين والمهتمين بصناعة الكُتب والأفراد على مختلف المستويات المحلية والإقليمية والدولية.

ومع افتتاح نسخة معرض هذا العام في واجهة الرياض تحت شعار "فصول الثقافة"، نجحت إدارته في تشكيل مضامين معرفية وثقافية منفتحة، من خلال دعم توجه الحكومة السعودية بأن يكون المركز العربي الثقافي الأول على مستوى المنطقة.

المعرض يُعد الأكبر في تاريخ المملكة العربية السعودية، من حيث عدد دور النشر والفعاليات وتنوعها، ففعالياته المصاحبة تتمحور في مختلف المجالات المعرفية، كما صاحبه انعقاد مؤتمر الناشرين في دورته الثانية، والذي حضره نخبة من المتخصصين وكبار الناشرين لإثراء التجربة المعرفية.

ومن خلال زيارتي الشخصية للمعرض والتنقل بين جنبات فعالياته ودور النشر المشاركة، أستطيع التأكيد أنه نجح بأمر في غاية الأهمية، وهو تقديم إسهامات عميقة في المشهد الأدبي السعودي، والحراك الثقافي الوطني.

أخذ المعرض الجميع في رحلةٍ أدبية ومعرفية من خلال أجنحة دور النشر التي تقدم المؤلفات النادرة والحديثة في مختلف المجالات الأدبية والثقافية والمعرفية والعلمية، إلى جانب أجنحة الهيئات الثقافية والمؤسسات العلمية والأكاديمية في المملكة التي تثري زوّارها بمعروضاتها من مخطوطات ومؤلفات، فضلًا عن الأنشطة التوعوية في عددٍ من القطاعات الثقافية كالطهي والتراث والأزياء والمكتبات وغيرها، وكذلك جناح الطفل المصمم خصيصاً لتعزيز حب القراءة والكتابة لدى النشء، وتنمية شغفهم في مختلف المجالات الإبداعية.

وإذا ما أردت اختصار المعرض، فنحن بصريح العبارة أمام خارطة ثقافية ومعرفية منفتحة على كافة الثقافات والحضارات من دون تمييز أو تحيز، وهو ما ارتكزت عليه وزارة الثقافة عند انتقال الصلاحيات إليها في بناء معرض كتاب مختلف وفق المعايير والمواصفات المعرفية الدولية، وهو ما يحسب لها ولوزيرها المجتهد الأمير بدر بن فرحان، ولفريق هيئة الأدب والنشر والترجمة، الذين حرصوا على صناعة ثقافية بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

من المشاهدات التي علقت بذاكرتي عند التجوال بين دور النشر، هو قدرة المعرض على التعبير المباشر على أن المملكة حاضنة للأدباء المبدعين، خاصة أنها تتميز بإرثها الأدبي الغني النابع من مكانتها كمهد للحضارتين العربية والإسلامية.

وليس ذاك فحسب بل إن المحتوى المعرفي الثقافي وقطاعي الأدب والنشر والترجمة، يعتبرون من روافد الاقتصاد السعودي في شقه الثقافي، وهي تُسهم إسهامًا مباشرًا في تعزيز المحتوى المحلي غير النفطي، كما حرصت إدارة المعرض على تمكين أصحاب المحتوى المحلي وتسهيل وصول محتواهم للجمهور، لذلك يعد معرض الرياض الدولي للكتاب 2022، أحد أهم معارض الكتاب العربية من حيث عدد زواره وحجم مبيعاته.

تصدير الثقافة السعودية للخارج ولكافة دول العالم، أعتبره الرسالة الأهم في نسخة المعرض لعام 2022، وهو ما أكده مؤتمر الناشرين الذي حرصت على متابعة توصياته ومخرجاته التي سيكون لها أثر مباشر في رسم الصورة الذهنية عن الحالة الثقافية السعودية.. دمتم بخير.