في الرياض وحدها، لا يكاد تمر أيام دون أن يكون هناك حدث عالمي، في مختلف التخصصات والقطاعات، وهذا أحد أهم عوامل التفرد الخاصة، التي لا تشبه أي مكان آخر في العالم.

تحتضن الرياض، يوم غدٍ الأربعاء، حدثًا نوعيًا في بُعده الدولي والاستراتيجي، إذ تنطلق فعاليات المنتدى الدولي للأمن السيبراني الذي تنظمه الهيئة الوطنية للأمن السيبراني برعاية ملكية، وبحضور أكثر من 4500 مشارك من أكثر من 100 دولة، وعدد من المتحدثين من الخبراء وصنّاع القرار في قطاع الأمن السيبراني.

وقبل الحديث عن المنتدى، هناك مفهوم شائع عند البعض أو ربَّما الكثير حول الأمن السيبراني وموضوعاته وأبعاده التي يتأثر بها، وهو أن الأمن السيبراني محصور في موضوعات التقنية والجوانب الرقمية، وهذا -في رأيي- مفهوم غير دقيق، لأنه في الحقيقة يتجاوز التقنية وتطبيقاتها إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير، ويمكن شرح هذه الفكرة في ضوء مضامين الشعار الذي تنضوي تحته محاور وموضوعات شعار المنتدى الدولي للأمن السيبراني، وهو "إعادة التفكير في الترتيبات السيبرانية العالمية"، في مواكبة للتطورات التي يشهدها القطاع عالميًا عبر مناقشة قضايا الساعة مثل المتغيرات الجيوسياسية والاستراتيجية المتسارعة، وآفاق تشكيل مستقبل الأمن السيبراني.

اطلعت، مؤخرًا، على إحصائية لافتة في تقرير صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، تفيد أن أكثر من 90 % من حوادث الأمن السيبراني ناجمة عن أخطاء بشرية، وليست تقنية؛ أي أنها سلوكيات أو تصرفات خاطئة من الناس! وهذا يؤكد مرةً أخرى أن الأمن السيبراني موضوع أكبر من التقنية، فهو ينطوي على طبيعة استراتيجية عميقة لأنها تتعامل مع فضاء لا محدود، وهو الفضاء السيبراني، وتبرز فيها مهارات خاصة مثل الفهم العميق لخليط من الأبعاد المهمة، منها السياسية والإنسانية والاقتصادية.

المنتدى الدولي للأمن السيبراني سيتناول بموضوعاته وبرنامجه ونوعية المتحدثين فيه، الأمن السيبراني بمفهومه الواسع والشامل، وفقًا لما تم نشره حتى الآن، وأظنه بذلك سيشكل منصة نوعية يجتمع من خلالها الشركاء من حول العالم في العاصمة الرياض لتبادل الخبرات، وفتح الآفاق للشراكات والاستثمار المشترك؛ بهدف تطوير فضاء سيبراني أكثر أمانًا يدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، وأهم من كل ذلك، تعزيز موقع المملكة الرائد دوليًا في مجال الأمن السيبراني، حيث تبوأت المرتبة الثانية عالميًا، والأولى في آسيا في مؤشر الأمن السيبراني، وهذا الموقع الريادي يجعل من المملكة لاعبًا قياديًا في تنظيم حدث بحجم المنتدى. والسلام..