الذي يطلع على أحوال العرب وما جاء في تاريخهم القديم الذي كان حافلا بالغزوات العربية - العربية التي جرت بين الأهل والاخوان، يجد أن أسباب تلك الغزوات وما حصل فيها من قتل وتدمير للأشقاء أنفسهم بأنفسهم، يجدها بعيدة كل البعد عمّا تعلمناه في المدارس الأولية، بما كان يصف به أخلاق الإنسان العربي والتزامه بصلة القرابة التي كان، كما يقول التاريخ، يحتفظ بها العرب للعرب أينما وجدوا.

وما نراه الآن في هذه المرحلة التاريخية من تاريخ العرب، يشهد عليها غزو العراق للكويت، يجد أن تلك الغزوات العربية الحاضرة ما هي إلا ذيول من ذيول تلك الغزوات العربية القديمة التي كانت تحدث في ذلك الزمان البعيد.. غير أن غزو الكويت كان عملية سياسية خطط لها برأيي وفق محاور ودراسات ذات مصالح خاصة من قبل جهات أجنبية معروفة، تلك الجهات التي وجدت في رئيس العراق السابق الرجل الأحمق الذي أسندت له تنفيذ تلك المهمة دون ان يشعر، لجهله الشديد، ماذا سيكون مصيره من تلك الأفعال.

العالم أجمع يعلم أن الكويت ترتبط بعلاقات قوية بكل شعوب دول العالم الاقتصادية منها وغير الاقتصادية، لما تتمتع به الكويت من موقع جغرافي مميز، فهي تقع على فم بحر الخليج العربي في منطقة تتحكم في مسيرة الطرق البحرية كافة، القادمة والخارجة من ذلك الموقع الجغرافي الخليجي المهم الذي تكمن فيه مصالح معظم شعوب بلدان العالم.

هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فالكويت تتمتع أيضاً بموقع استراتيجي مهم يطل بوجوده على جميع الدول المحيطة به جواً وبحرا وبراً، ومنها يستطيع أي فرد أن يعرف ويطلع على ما يدور في المنطقة من أحداث سياسية واجتماعية، فالكويت بالرغم من صغر مساحتها إلا ان لها اهمية استراتيجية فائقة.

أما ما يتعلق بموضوع الموارد الطبيعية التي تتحكم بها الكويت، فهي مطمع جميع العالم وأن جميع دول العالم بحاجة لها، وعلى رأس تلك الموارد مادة البترول، التي يتوقع الجيولوجيون ان الكويت الدولة الوحيدة التي سيستمر وجود البترول بها يتدفق من آبارها مدة 300 عام على الأقل.

ولذا ومن هذا المنطلق، تكسب الكويت أهمية عالمية مما دعا شعوب العالم المتحضر كافة للدفاع عنها، وذلك للحفاظ على مصالح تلك الشعوب بالحفاظ على الكويت دولة مستقلة ذات سيادة، وقد اتضح ذلك جلياً حينما وقفت تلك الشعوب والدول مدافعة بكل قواها ضد الغزو العراقي.

هذه مقدمة موجزة قد يستعين بها القارئ حينما يحاول معرفة بعض أسباب غزو العراق للكويت في هذه المرحلة التاريخية. ولذا فإن غزو الأخ لأخيه في عالمنا الحاضر ليس كما كان عليه سهلاً، بل إن وراء الأكمة ما وراءها، وعليه فليتصافح العرب ويعلموا بأن أي خلاف بينهم ليس من مصلحتهم بل هو إضعاف لوجودهم في هذا العالم المشحون بالمصالح التي لها من يدافع عنها، وعليه فليعلم العرب بأنهم سيضعفون إذا ما اختلفوا بينهم وأن الذئب يأكل من الغنم القاصية.