رفح: دارت معارك عنيفة تزامنا مع قصف إسرائيلي مكثف في مدينة رفح بأقصى جنوب قطاع غزة، مع إعلان الدولة العبرية أن أولى المساعدات الإنسانية عبر الميناء العائم الذي أقامته الولايات المتحدة، دخلت القطاع المحاصر.

قال الجيش الإسرائيلي السبت إن قواته الجوية "قصفت أكثر من 70 هدفا" في أنحاء قطاع غزة خلال الـ 24 ساعة الماضية بينما تواصل القوات البرية "عمليات دقيقة" شرق رفح.

وبعد مرور أكثر من عشرة أيام على ما وصفه الجيش الإسرائيلي بعملية "محدودة" في رفح، اندلع القتال مرة أخرى بين القوات الإسرائيلية والمسلحين الفلسطينيين في شمال غزة.

وأعلن المستشفى الكويتي إن غارة إسرائيلية خلال الليل أسفرت عن مقتل شخصين في مخيم للنازحين في رفح، فيما أفاد شهود عيان بإطلاق نار كثيف وقصف في جنوب شرق المدينة وقصف طائرات لمناطقها الشرقية.

وبحسب الجيش إن قواته "نفذت مداهمات" في رفح وعثرت على أسلحة ومتفجرات.

وقال مراسلو وكالة فرانس برس وشهود ومسعفون إن معارك عنيفة دارت ليلا في مخيم جباليا للاجئين شمال القطاع، بعد أن أعلن الجيش الإسرائيلي الجمعة عن أن القتال الذي يجري حاليا في جباليا "ربما يكون الأكثر ضراوة" منذ بدء الحرب.

وأعلن الجيش الإسرائيلي في بداية كانون الثاني (يناير) أنه "أكمل تفكيك البنية العسكرية لحركة حماس الفلسطينية في شمال قطاع غزة"، لكنه أعلن لفرانس برس أن "حماس كانت تسيطر بشكل كامل على جباليا حتى وصولنا قبل بضعة أيام".

مجاعة تلوح في الأفق
وحذّرت الأمم المتحدة من مجاعة تلوح في الأفق في غزة حيث تقول إن الغالبية العظمى من سكان القطاع البح المعابر البرية والسماح بدخول المزيد من شاحنات المساعدات إلى غزة.

ورحب الاتحاد الأوروبي بالشحنة الأولى من قبرص إلى رصيف غزة العائم، لكنه دعا إسرائيل إلى "توسيع عمليات التسليم عن طريق البر وفتح معابر إضافية على الفور".

وشددت حركة حماس أن الرصيف العائم "ليس بديلا عن فتح جميع المعابر البرية".

ووسط نقص المساعدات، قال الجيش الإسرائيلي إن "عشرات المدنيين الإسرائيليين" أشعلوا النار في شاحنة مساعدات متجهة إلى غزة في الضفة الغربية المحتلة مساء الخميس، في ثاني هجوم من نوعه خلال أسبوع.

وتحذر الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية بانتظام من خطر المجاعة في قطاع غزة حيث يعيش نحو 2,4 مليون نسمة، نزح 70 بالمئة منهم منذ بدء الحرب في 7 تشرين الأول (أكتوبر).

وفي ذلك اليوم، نفذت حركة حماس هجوماً على جنوب إسرائيل، أسفر عن مقتل أكثر من 1170 شخصا غالبيتهم مدنيون، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية. وخطف خلال الهجوم أكثر من 250 شخصا ما زال 125 منهم محتجزين في غزة قضى 37 منهم، وفق مسؤولين إسرائيليين.

كما أعلن الجيش الاسرائيلي الجمعة العثور في غزة على جثث ثلاثة رهائن خطفوا في هجوم السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، وإعادتها إلى البلاد.

وأشار المتحدث باسم الجيش دانييل هاغاري إلى أن الثلاثة "قتلوا بوحشية" على يد حماس لدى محاولتهم الفرار من مهرجان نوفا الموسيقي "وتم نقل جثثهم" إلى غزة.

وردا على الهجوم، ينفّذ الجيش الإسرائيلي حملة قصف مدمّرة وعمليات برية في قطاع غزة حيث قتل حتى الآن 35386 أشخاص، غالبيتهم من المدنيين، بحسب آخر حصيلة أوردتها وزارة الصحة التابعة لحماس الجمعة.

وأكدت منظمات إغاثية وانسانية أن التوغل في رفح زاد من عرقلة توصيل المساعدات، مع إغلاق معبر المدينة الجنوبية على الحدود المصرية - وهو قناة حيوية للمساعدات الإنسانية - الآن.

وأغلق معبر رفح مع مصر والذي يعد البوابة الرئيسية للبضائع والأشخاص الذين يدخلون غزة، منذ أن أعلنت إسرائيل السيطرة عليه في 7 أيار (مايو).

وبحسب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو فإن القاهرة تحتجز سكان غزة "رهينة" لرفضها التعاون مع إسرائيل بشأن المعبر الرئيسي للمساعدات.

ورفضت مصر التنسيق مع إسرائيل بشأن معبر رفح، خشية أن تكون السيطرة عليه جزءا من خطة نتانياهو لشن هجوم بري واسع النطاق على مدينة رفح التي لجأ إليها أكثر من مليون غزّي نزحوا من مناطق أخرى.

جهود دبلوماسية
وغداة إعلان إسرائيل تكثيف عملياتها في رفح، دعت 13 دولة غربية، كثير منها داعم تقليديا لإسرائيل، الجمعة إلى عدم شن هجوم واسع على رفح.

والدول الموقعة هي أستراليا وبريطانيا وكندا واليابان ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية، إضافة إلى الدنمارك وفنلندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا والسويد الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

ووفق أوتشا، "فر بين 6 أيار (مايو)" حين حذّر الجيش الإسرائيلي بوجوب مغادرة القطاعات الشرقية من رفح التي كان يتكدس فيها حينها نحو 1,4 مليون شخص غالبيتهم من النازحين، "و16 منه نحو 640 ألف شخص بينهم نحو 40 ألفا في 16 أيار (مايو)".

وأعلنت منظمة الصحة العالمية الجمعة أنها لم تتلق أي إمدادات طبية في قطاع غزة منذ السادس من أيار (مايو).

وقال المتحدث باسم المنظمة طارق ياساريفيتش في جنيف "تمكنا من توزيع بعض الإمدادات لكن النقص كبير، بشكل خاص المحروقات اللازمة لتشغيل المستشفيات".

ويواصل الفلسطينيون مغادرة شرق رفح وكذلك مناطق أخرى من المدينة المتاخمة للحدود المغلقة مع مصر.

من جهته، أعلن البيت الأبيض الجمعة أن مستشار الأمن القومي الأميركي جايك ساليفان سيزور السعودية السبت ثم إسرائيل الأحد لإجراء محادثات حول الحرب في غزة.

وفي حين يبذل الرئيس الأميركي جو بايدن جهودا كبرى بغية التوصل إلى تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، أشار الناطق باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي إلى أن ساليفان سيلتقي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان السبت ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأحد.

في الضفة الغربية، قتل قيادي في حركة الجهاد الإسلامي، بضربة جوية إسرائيلية طالت مخيم جنين ، وفق الحركة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي.

وتشهد مختلف مناطق الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ 1967، تصاعدا في وتيرة أعمال العنف في أعقاب اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة اعتبارا من السابع من تشرين الأول (أكتوبر).

ومنذ ذلك التاريخ، قتل 492 فلسطينيا على الأقل بنيران القوات والمستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية، وفق مصادر رسمية فلسطينية.