تترجم فئة من المجتمع الكويتي المحب لوطنه والمخلص له، حبها وغيرتها على وطنها وعلى بلدها إلى تحركات واجتهادات لتعديل بعض الأحوال والتنبيه إلى بعض القرارات وضرورة تطويرها بناء على متغيرات مجتمعية، أو تعديلها انطلاقاً من التوعية بأمور تحفظ أمن وسلامة وكيان الوطن.

وهناك من المواطنين من يحاول بجهده وماله وطاقته التنبيه إلى ضرورة تصحيح بعض الأخطاء في بعض القوانين ووضع المقترحات المنطقية والناجعة، من خلال جهود متواصلة مع المسؤولين على كل المستويات من دون أن يُطلب منه.

كثيرون من أهل الكويت، وأنا اعرفهم جيداً، لا يكلون ولا يملون ولا ييأسون من الجو السلبي المحيط بهم، فمبادراتهم دائمة ومستمرة.. بالتحرك للتنبيه مع كل الجهات المسؤولة، للتنبيه إلى أي جزئية ولو كانت بسيطة.. تحتاج التعديل أو التطوير أو النظر بها واتخاذ اللازم بشأنها، وفق متطلبات المرحلة.

ولا يتوانى هؤلاء الأوفياء في التحرك بكل الاتجاهات من خلال عقد الندوات والمحاضرات، والتواصل بشكل مباشر أو غير مباشر، ونقل وجهات النظر إلى كبار مسؤولي الدولة لعلهم يعينون ويساعدون.

كل ما يقوم به هؤلاء الشرفاء..لا يبغون ‏ولا يرتجون منه أية مصالح شخصية ذاتية مباشرة أو غير مباشرة.. إلا مصلحة الوطن.

‏الرواتب الاستثنائية التي فاحت ريحتها.. تُصرف وصرفت للأسف لبعض الفئات، التي لا تستحقها بشكل كامل (أنا لا أقيمها ولكني لا أستبعد وجودها وبكثرة)، لأن هؤلاء يقومون بمسؤولياتهم وواجباتهم ويتقاضون رواتب مجزية مقابل ذلك.

حتى ان شريحة من هؤلاء يمنحون رواتب استثنائية وهم من علية القوم، وبحكم مناصبهم يتمكنون من إنجاز ما لا يستطيعه الموظف العادي البسيط الذي يتقاضى راتباً متواضعاً، مقارنة بحجم المسؤوليات والجهد الذي يبذله، حتى ان معاملاته لا تسير إلا بعد دفع المقسوم، على هذا الموظف وذاك.. لتمضي قدماً ويتم إنجازها.. وان كانت قانونية مئة في المئة.

أي إن واسطتهم بحكم مناصبهم ونفوذهم تمكنهم في كثير من الأحيان من تحقيق أمور لا يمكن للمواطن العادي أن يحققها.

إن الشرفاء من أهل البلد والمعنيين في ما تحدثت عنه أعلاه.. يعملون بجهدهم الذاتي سعياً وراء مصلحة الوطن، وانطلاقاً من مبدأ المبادرة وعدم الاكتفاء بالانتقاد ليل نهار فقط.

هؤلاء لا يتقاضون ديناراً واحداً، بل يرفضون ذلك رفضاً قاطعاً انطلاقاً من حبهم وولائهم وإخلاصهم لوطنهم.

‏هذا هو الفرق بين مواطن وآخر.

المخيف في الموضوع أن يطغى اليأس والتشاؤم على من تبقى من مخلصي الوطن، الذين توصد الأبواب أمامهم، ولا يجدون آذاناً صاغية ولا اهتماماً بهم.. في الوقت الذي تفتح الأبواب على مصراعيها أمام المنافقين والمنتفعين والمتحذلقين والمتمصلحين، وتسمع أصواتهم فقط، حينها لا نملك إلا أن نقول على الوطن السلام، وهؤلاء للأسف بدأ يخفت صوتهم، بعد أن ملوا النصيحة والتنبيه.. من دون أي اهتمام من الحكومة.

حكومتنا الموقرة.. ‏هذه الفئة هي التي ستندمين يوماً أنك لم توليها اهتماماً، ولم تستمعي لها في الوقت المناسب، حينها لن ينفع الندم.