في يوم الإثنين قبل الماضي 23 من يناير الجاري، كان أول لقاء لأعضاء جمعية الصداقة الكويتية — البريطانية مع سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، ورغم ازدحام جدول المقابلات، فإنه حرص على اللقاء الذي استغرق أكثر من ساعة، تدفقت فيها طموحات سموه حول مستقبل الكويت، متحدثاً عن معاني الصداقة التي ترمز لها الجمعية، ليس مع بريطانيا فقط، بل مع مختلف الأصدقاء والجيران، معتمداً في تقييمه لهذه الصداقات على العلاقات التاريخية التي ارتبطت بها الكويت مع هذه المجموعة من الحلفاء والجيران.

تتكون جمعية الصداقة الكويتية — البريطانية من الجانب الكويتي من عشرة مواطنين، والرئيسة الفخرية هي الدكتورة الشيخة سعاد الصباح، بينما في الجانب البريطاني، كان الأمير تشارلز ملك بريطانيا الحالي الرئيس الفخري للجانب البريطاني، وجاء وضعي فيها عضواً ومنسقاً ومشرفاً على مسارها.

خرجت الجمعية إلى الحياة من حرص المرحوم الشيخ جابر الأحمد، أمير الكويت 1977—2006، على شمولية العلاقات مع الحليفين الإستراتيجيين، الولايات المتحدة وبريطانيا، بحيث تغطي هذه العلاقات حوارات تأتي من تشكيلات شعبية تناقش كل ما يزيد الترابط صلابة وكل ما يفيد مواطني البلدين، بما فيها من محاضرات في الجامعات والمنتديات السياسية والفكرية، يتم فيها التعريف بمعاني الكويت ودستورها وتراثها.

بعد انتهاء عملي في مجلس التعاون، استدعاني المرحوم الشيخ جابر؛ ليبلغني بحرصه على أن أتولى التنسيق بين أعضاء الجمعية الذين اختارهم سموه، والإشراف على مسارها اليومي، فكان الأعضاء من رجال الكويت المعروفين، كان المرحوم عبدالرزاق الخالد رئيساً لها، والمرحوم مراد بهبهاني والمرحوم حسين معرفي من بين الأعضاء، وجاء الإعلان عنها في احتفال حاشد في فندق كلارج، المشهور في لندن، وخرجت الجمعية إلى الحياة.. ومنذ ذلك اليوم توليتُ مسؤولية الإشراف والتنسيق لأعمالها بالتعاون مع سفير الكويت وعميد السلك الدبلوماسي آنذاك السفير خالد الدويسان.

يتكون الأعضاء الحاليون الآن من كاتب هذه السطور منسقاً، والمواطنين: فهد عبدالرحمن البحر، ضرار الغانم، الشيخ محمد عبدالله المبارك، محمد الشايع، محمد النقي، السفيرة نبيلة الملا، السيد بدر ناصر الخرافي، السفير خالد الدويسان الذي تقاعد من عمله كسفير في لندن وترك عمادة الدبلوماسيين وعاد إلى الكويت.

تحدث سمو ولي العهد في هذا اللقاء عن خريطة همومه في العلاقات الخليجية والعربية ومع الحلفاء الإستراتيجيين، كما حرص على التأكيد بأنه شخصياً تربَّى على يد الشيخ جابر الأحمد، ما بناه المرحوم الشيخ جابر سيبقى ويحافظ عليه، هذه تأكيدات بأن النظام الذي سارت عليه جمعية الصداقة سيبقى من دون تغيير، وطلب سموه لتحقيق ذلك الهدف أن يتم التنسيق بين المسؤولين في الديوان ومسؤولي الجمعية لإبراز المتطلبات، ولا أملك لسموه إلا أن أعبّر نيابة عن جميع الأعضاء عن الامتنان لرعايته الجمعية ودعمه لأهدافها، وتوفير احتياجاتها.

كما استعرض سموه العلاقات مع بريطانيا، مسجلاً اعترافه بالدور البريطاني في حماية الكويت من الطامعين، والتزامها التاريخي إبعاد المخاطر عن الكويت، وطرد الطامحين، وملاحقة أصحاب الشهية الذين يتربصون بالكويت، ومردداً تأكيداته بدعم الجمعية وتأمين نجاح عملها والحفاظ على سلامتها.

وتحدث سموه عن إصراره على تطبيق القانون على الجميع بلا استثناءات ومن دون تجميلات، فلا تردد من أجل إعلاء حكم القانون، وتعظيم دور المساواة التي يقيَّم دورها في توفير العدالة، وقد أعجبني إصراره على ضرورات الكفاءة التي يجب أن يحملها من يتولى مسؤوليات في الدولة، ومن الواضح أن سمو ولي العهد يقدر معاني الغيرة الوطنية، التي كانت المحرك القوي لجيل الكويت قبل النفط، وكانت خطوطها بارزة على ملامح المواطنين من رجال البر والبحر، وأستطيع القول إنه يعشق تجديد حيويتها لتترافق مع جيل اليوم، الذي نتوقع منه الولاء التاريخي لمعاني الكويت، أرضاً وتراثاً وعطاءً وتاريخاً.

كما يسعده ما يصله من أخبار عن تفوق الكويتيين في مختلف ممرات الحياة، ويسعى لإظهار مشاعر الفرح والتقدير لهم، ولعل هذين الثناء والتقدير يدفعان مختلف الكويتيين نحو الإبداع والتفوق.

كما كان صريحاً في تعليقاته عن الواقع، مشيراً إلى إيمانه بحق الوطن عليه، ومواصلة العمل وتحمل المسؤولية وعليه التراضي مع حقائق الوطن وتقبله لهذا الواقع.

وفي هذا الإطار، عبّر سمو ولي العهد عن إصراره على أن تكون قيادة الوطن من بين المستحقين القادرين على قيادة الوطن من أبناء الشرعية التاريخية، وأن حسن الاختيار عامل جوهري لتأمين سلامة المسيرة ومن أهم مكونات الوحدة الوطنية ولها دور بارز في صيانة أمنها.

ومن أهم ملاحظاتي ابتعاد ولي العهد في حديثه معنا عن الإشارة إلى استقالة الحكومة ومسبباتها، التي أتت من غياب التعاون مع المجلس، وشعوري الشخصي بأن لديه يقيناً بأن السفينة الكويتية اعتادت على مثل هذه التيارات، وأنها آمنة في مسارها، ولن تتحرج من إرباكات عابرة، فقد هضمت ما هو أكبر من وقائع اليوم.

ويمكن الإشارة إلى أنني رصدت لدى سمو ولي العهد إعجاباً كبيراً بشجاعة وتضحية الجيل القديم من المؤسسين من أهل البر والبحر، وودعناه شاكرين له لمساندته، ومتمنين أن يوفر الله له كل ما يتمناه من قديم وجديد، ورغم أزمة الوزارة، فقد كان مطمئناً على سلامة البناء الأمني الكويتي.