نشرت الباحثة أماني البداح دراسة مميزة عن خلفية تأسيس مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، ذكرت فيها ان بداية الفكرة كانت يوم قامت غرفة التجارة، في أبريل 1976، بمخاطبة الشركات المساهمة لتأسيس كيان اعتباري يسهم في استدامة الاقتصاد، والاستثمار في العنصر البشري، ودفع عجلة التقدم عن طريق تشجيع البحث العلمي، والتحفيز على متابعة التعليم العالي في شتى المجالات.

استجابت الشركات للطلب، وقامت بإيداع مبلغ 1500 دينار في حساب تأسيس الكيان، تمهيداً للاجتماع التأسيسي، بالتنسيق مع الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، الذي كان نائباً للأمير آنذاك ورئيساً لمجلس الوزراء وولي العهد.

عقد الاجتماع بدعوة من الغرفة في 7 يونيو، وانتُخب 6 أعضاء لمجلس الإدارة، وأعلن قيام المؤسسة، وعلى أن مواردها ستكون أساساً من نسبة %5 من صافي أرباح الشركات المساهمة.

صدر بعدها في ديسمبر 1976 مرسوم أميري بالاعتراف بالشخصية المعنوية للمؤسسة، كونها مؤسسة خاصة أنشأها أفراد بصفتهم ممثلين عن شركات مساهمة. ومن جهة أخرى، هي حائزة اعتراف الدولة، بمرسوم أميري. ووضعوا درجتين للرقابة على الإدارة التنفيذية، الأولى مجلس إدارة منتخب، والثانية جمعية عمومية تعقد مرة كل 3 سنوات، لكن ذلك ألغي لاحقاً، وتسبب في وقوع اختلال في حوكمة المؤسسة، بعد إلغاء الطبيعة التاريخية الفريدة لمبادرة الشركات، من تلقاء ذاتها، بالتزامها دفع الاشتراكات السنوية، كما أنه يخالف أحد الأسس الراسخة للحوكمة، والمتمثلة في أن الاستقطاع من أرباح الشركات أمر يتطلب بالضرورة مشاركتها في مراقبة المؤسسة، وهذا وضع مسؤولية مضاعفة على الإدارة التنفيذية، وضرورة تبنيها قدراً أكبر من الشفافية في إدارة أمورها، من دون الإخلال بخصوصية معلوماتها، مع وضع التدابير اللازمة لتأسيس إجراءات للرقابة الداخلية، التي يمكن لمجلس الإدارة من خلالها التعرّف السريع على مواطن الخلل.

تقول الباحثة أماني البداح إن استدامة المؤسسة وتمكنها من تحقيق أهدافها، يتطلبان إنفاقاً حكومياً مستمراً لا يقل عن 2.7 مليار دينار، وهذا لم يحدث. فما تجمع لدى المؤسسة حتى الآن لا يقارن بالمبلغ أعلاه، وإدارة المؤسسة مقيدة، بسبب محدودية مواردها، ومع هذا الكل يطلب منها فعل الكثير، ولذا نجد أن تأثيرها محدود أيضًا، خاصة مع شبه انهيار التعليم العام وانخفاض مستوى العالي منه، وتبخّر دعم الأبحاث على المستوى الوطني، مع غياب كامل لإستراتيجيات وطنية واضحة الأهداف والموارد وبرامج التنمية الاقتصادية، إضافة إلى فشل الحكومة في إلزام مؤسساتها، وفقاً لقانون خاص بإدارة البيانات، بجمع ونشر بيانات مُدّققة حول المؤشرات الوطنية وأداء المؤسسات الحكومية المختلفة.

خلصت الباحثة إلى القول بأن المؤسسة قامت، منذ إنشائها، بعدد كبير من المبادرات التي تضمنت دراسة ووضع التوجهات الإستراتيجية للدولة في مجالات عدة، جاءت في أغلبها لإنقاذ القطاع العام من التهالك، ولتعزيز استدامة شبكة الأمان الاجتماعي للمواطنين، ولرفع كفاءة الإنفاق على الصحة والتعليم، ولتعزيز كفاءة القطاع الخاص ودوره في تنويع الاقتصاد، إلا أن الحكومات تخلت عن الأخذ بأغلب ما طرح، ولم تتقدم بالحد الأدنى من المتابعة لتطوير هذه الدراسات أو تنفيذ شيء منها أو تبني توجهاتها الرئيسة.

والخلاصة أن نجاح المؤسسة يتطلب استعادة الشركات المساهمة لدورها في الحوكمة.