في الثامن عشر من يناير 2023 استضاف صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله ورعاه، خمسة من القادة العرب، هم: هيثم بن طارق، سلطان عُمان، وحمد بن عيسى آل خليفة، ملك البحرين، وتميم بن حمد آل ثاني، أمير قطر، وعبدالله بن الحسين، ملك الأردن، وعبدالفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، حيث التقى بهم في أبوظبي عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة في لقاء تشاوري يهدف إلى ترسيخ التعاون بين الدول العربية خدمة للتنمية في العالم العربي.


وأشارت مصادر رسمية في أدبيات صدرت عنها إلى أن اللقاء هدف إلى ترسيخ أواصر الأخوة والتعاون المشترك البناء لخدمة التنمية والازدهار والاستقرار في المنطقة العربية عبر المزيد من العمل المشترك والتعاون والتكامل والتنسيق الإقليمي بين الدول العربية كافة، وفي نهاية الأمر خدمة لتحقيق تطلعات الشعوب العربية نحو مستقبل مشرق، تنعم فيه بالمزيد من الازدهار والاستقرار والتنمية والرخاء والتقدم.
ويأتي ذلك على ما ضوء ما تشهده المنطقة العربية وجوارها الجغرافي من تقلبات وما يشهده العالم من تحديات وحروب طاحنة.


اللقاء عقد تحت شعار «الازدهار والاستقرار في المنطقة»، وهذا مؤشر على الانتقال من مرحلة «الجيوبوليتكس» الصرف إلى مرحلة جديدة تمزج بين الجيوبوليتكس والجيوايكونوميكس، ما يعني ترسيخ التعاون لخدمة التنمية والازدهار والاستقرار على الصعيدين السياسي والاقتصادي، عبر مزيد من التعاون المشترك على المستوى الإقليمي الأوسع خليجياً وعربياً.


وعلى ضوء ذلك، فإن الأمر واضح بأن القادة العرب الذين اجتمعوا وتشاوروا وتبادلوا الآراء قاموا بذلك انطلاقاً من إدراك أهمية المرحلة الحساسة التي يمر بها العالم العربي، وأنه يحتاج إلى جهود المخلصين من قادته لكي يسيروا بدوله وشعوبه نحو مستقبل أكثر إشراقاً وأمناً.


وفي هذا السياق، تشير النظريات الخاصة بالتعاون الإقليمي إلى أن مثل هذا التشاور ضروري بين قادة الدول، وإلى وجود ممرين يسلكهما تطور المجموعات الإقليمية:
الأول: هو الحصاد المتعلق بالشعور بالجماعية «نحن»، فيما الأقطار المكونة للتجمع الإقليمي والقائم على وجود تماثل في المعطيات الأساسية المكونة للدول كالسياسة والاقتصاد والمجتمع والثقافة والفكر والتاريخ، إلى جانب القضايا المرتبطة بالأرومة والدين واللغة والمنشأ الإقليمي.
أما الممر الثاني، فهو ذلك المتعلق باعتراف الدول ذات الروابط المشتركة بوجود عوائد مشتركة تنتج عن التعاون والتشاور والتقارب والتنسيق، وعن إدراك أن عدم التعاون ربما يؤدي إلى مطبات وربما كوارث اقتصادية أو أمنية أو كليهما معاً.
ومما يدفع بالدول العربية إلى الشعور بـ «النحن» هو أن المنطقة العربية تعرضت طوال تاريخها الحديث لأطماع مخيفة من شتى الاتجاهات، وتدور على أراضيها حروب مدمرة لا يبدو في الأفق القريب وجود نهاية لها.

إن ذلك يخلق شعوراً بعدم الأمان والاستقرار، وبالخطر المحدق، ما يجعل الظروف مناسبة لبروز نمط من التجمع الإقليمي تشكل قمة أبوظبي المصغرة الأخيرة نواة مناسبة وجيدة له.


فحوى هذا التجمع أن ترتبط الدول المشاركة مع بعضها بعضاً برباط يؤدي إلى جهود تنمية مشتركة على الصُعُد الاقتصادية والأمنية والاستراتيجية والمجتمعية.
وتوضح ردود الأفعال الرسمية والشعبية الموجودة على الساحة بأنه إن لم تنعم دولهم بالمزيد من التعاون، فإنها قد تتعرض لمزيد من الأخطار الاقتصادية والاستراتيجية.

إن التطور السريع الذي تشهده المنطقة العربية على صعيد الاستقرار مرتبط بالتعاون الذي تبديه دولها عبر السنوات، خاصة مع بروز روح النزعة القوية في هذا الاتجاه والناتجة عن استشعار المخاطر الخارجية، الأمر الذي يشجع هذه الدول على الانخراط في عدد من الفعاليات الإقليمية التي تدعم التنمية والاستقرار والاستدامة.