يبقى الإرهابيون الذين اتخذوا من لندن وغيرها من العواصم الأوروبية مقرات لبث سمومهم وأفكارهم السوداء، مصدرا دائما لإثارة الفتن وأسباب العنف والكراهية وإشاعة الإرهاب والفوضى تحت شعارات فضفاضة لحقوق الانسان وحرية الرأي والتعبير، إلا أن البحرين ستبقى بعزم قيادتها ورجالها ونسائها صرحا ومنارا مشعا للتسامح ونموذجا حضاريا رائدا للتعايش واحترام التعدد الديني والحرية الدينية، باحتضانها لكل الديانات والمعتقدات، حيث يعيش أبناء كل الديانات والمعتقدات في سلام معا على أرضها، وسيقف شعبها صفا واحدا أمام هذه التحركات المشبوه أي كان مصدرها، لتؤكد دائما بأنها أرض السلام والخلود.

قال الباحث الأكاديمي والمحلل الاقتصادي د. جاسم حسين: «إن عددا من الإرهابيين في الخارج من أصحاب الأجندات المشبوهة والذين يطلقون على أنفسهم معارضة يعتزمون عقد اجتماع سري في بريطانيا على مدار يومين ابتداء من اليوم حتى غد»، مشيرا إلى أن الدعوات وجهت لشخصيات داخل بريطانيا ومن خارجها، وذلك بهدف محاولة إحياء دعواتهم التحريضية في البحرين عبر قنواتهم الإعلامية المثيرة للفتنة.

ويتابع د. جاسم في تصريحاته للصحافة: «إن أصحاب الأجندات المشبوهة اعتادوا مثل تلك اللقاءات، ولكن اجتماع اليوم تكمن أهميته من وجهة نظرهم في كونه يسعى لوضع أجندة متفق عليها من الحاضرين، لذا سيكون خلف أبواب مغلقة ولم يتم إعلان المشاركين فيه بل وجهت إليهم الدعوات بشكل سري، بالإضافة إلى كون تمويل الاجتماع ضخما بعد أن وجهت الدعوات إلى بعض الأطراف للحضور من خارج بريطانيا سواء في أوروبا وغيرها من البلدان العربية»، لافتا إلى أن إيران وعملاءها في أوروبا من أكبر الداعمين للقاء بالإضافة إلى بعض جمعيات المجتمع المدني في بريطانيا وأوروبا.

إذا نحن أمام هجمة جديدة وشرسة، هجمة تذكرنا بأحداث الربيع العربي 2011.. فهل هناك تحركات استباقية لهذا التحرك الذي يسعى إلى زعزعة الامن والاستقرار في البحرين؟ مما يتطلب كما أعتقد أهمية تفعيل وتكثيف كل الأجهزة المعنية وأهمها التحرك الدبلوماسي في الخارج في الفترة القادمة ووضع الخطط والبرامج للتصدي لهذه الهجمة الشرسة قبل أن تستفحل والقضاء على أهدافها وتطلعاتها المشبوهة خاصة وأنها تأتي بالتنسيق مع عدد من منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان والسياسيين في عدد من الدول العربية وتتلقى تمويلا من بعض الدول التي يهمها تشويه سمعة البحرين الدولية وإنجازاتها المميزة.

ومن تجربة سابقة في أثناء عملي سفيرا لدول مجلس التعاون في المفوضية الأوروبية ببروكسل ووكيلا للشؤون الإقليمية ومجلس التعاون بعد انتهاء مهمتي الدبلوماسية في العاصمة البلجيكية التي تحتضن البرلمان الأوروبي الذي لم تعد له المصداقية في النزاهة والشفافية بعد فضيحة الفساد التي قام بها عدد من البرلمانيين منهم نواب لرئيس البرلمان ومنهم رؤساء لجان حقوق الإنسان. من هذه المنطلقات يصبح من الضروري العمل بخطة دبلوماسية شاملة تكشف الفساد وتؤكد الحقيقة التي يحاولون طمسها من أجل حفنة دولارات على أن نضع في الاعتبار دائما أننا في البحرين لا يمكن أن نكون (المدينة الفاضلة) التي تحدث عنها أفلاطون، غير أننا دولة مكافحة تبحث عن الخير والكمال والأفضل لشعبها خطوة خطوة وسط عواصف جارفة ورياح عاتية وسماء سوداء ممطرة بالرعود والمخاطر والتهديدات منذ الاستقلال عام 1971.. لذلك وعلى الرغم من كل ما واجهته البحرين في الخمسين عاما الماضية إلا أنها ظلت مؤمنة برسالتها وهي تحقيق العدالة والتقدم والرفاه والعزة والكرامة لشعبها قدر الإمكان مع الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها العالم التي تعتبر البحرين جزء لا يتجزأ منه، لذلك ظلت عنوانا للحب والتسامح والبناء من أجل وطن ومواطنين يسيرون على الطريق الصحيح نحو مستقبل أكثر إشراقا.

ومن هنا أضع بعض الأفكار أو المحاور للتصدي لهذا التحرك المشبوه في لندن:

أولا: عقد اجتماع لسفراء مملكة البحرين في الدول الأوروبية والدول دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي والمندوبين الدائمين في نيويورك وجنيف لإحاطتهم علما بالتطورات الجارية بالنسبة لهذا التحرك المشبوه لتوحيد الخطاب لمسؤولي هذه الدول.

ثانيا: وضع استراتيجية قائمة على عدد من التفاهمات والتنسيق وتبادل الأفكار مع بعض الجهات الحكومية وأعضاء مجلسي النواب والشوري للوقوف على مرئياتهم مع معايشتهم وخبراتهم لمجريات الاحداث وتأثير ذلك على البحرين وبما يساعد على إعداد خطة عمل استراتيجية وآلية تنفيذ تقف أمام هذه الهجمة المشبوهة يستفيد منها سفراء ومندوبو البحرين في الخارج.

ثالثا: قيام بعض الوزراء المعنيين ونواب البرلمان وشخصيات من المجتمع المدني بزيارات إلى عواصم تواجد هذه العناصر المشبوه خاصة لندن وبرلين وبروكسل والعواصم الاسكندنافية والاجتماع بمنظمات المجتمع المدني فيها وكذلك لجان حقوق الانسان في البرلمانات الأوروبية وتقديم المعلومات الخاصة بالإنجازات التي تحققت في البحرين فيما يتعلق بحقوق الإنسان والمشاركة الشعبية في الحكم والدخول معهم في مناقشات وتفاهمات حول البحرين وتقديم المعلومات الصحيحة لهم.

رابعا: دعوة سفراء الدول الأجنبية في البحرين وجمعيات المجتمع المدني بالدول الأوروبية لزيارة البحرين للاطلاع عن كثب على الإنجازات التي تحققت في البحرين والتي تعزز حقوق الإنسان كالعقوبات البديلة وتحسين الأوضاع في السجون وغيرها من الإنجازات التي تمت وكان لها دور مهم وحاسم في تعزيز الأمن المجتمعي وبناء جسور الثقة بين الحكومة والمواطنين.

خامسا: تشكيل فريق غير حكومي اقتصادي تكون مهمته تقديم التقارير حول التطورات الاقتصادية والتنموية في البحرين منذ انطلاق المشروع الإصلاحي ودور سمو ولي العهد رئيس الوزراء وفريقه في خطة التعافي والتوازن المالي بإعادة الثقة بالاقتصاد البحريني ومركز البحرين في قائمة الفساد الدولي التي أعلنت مؤخرا وأوضحت تقدم البحرين عشر نقاط إيجابية في سلم القائمة.

سادسا: الوقوف بحزم أمام التحرك المشبوه الذي يريد النيل من البحرين اقتصاديا بعرض الخطوات الفعالة التي اتخذتها الدولة على منظمة الأمم المتحدة ومجلس حقوق الانسان وغيرها من المؤسسات الدولية ذات العلاقة، بالتنسيق مع القطاع الخاص وانعكاساتها الإيجابية على الاقتصاد الوطني والتي من أهمها تحقيق التوازن المالي وتحقيق نتائج رائعة في القضاء على البطالة وتحقيق إنجازات السكن المناسب للمواطن البحريني والمشاريع الإسكانية المتعددة في هذا الخصوص والخطوات التي تم تنفيذها للقضاء على الفساد.

تلك كانت أفكار ومحاور عامة قد تكون مفيدة يمكن البناء عليها لمواجهة التحرك المشبوه في لندن، غير إنني متأكد بأن المسؤولين في بلدي الجميل لديهم من الأفكار والرؤى ما هو أفضل لمواجهة كل ما يمس البحرين ويعكر صفو أمنها واستقرارها.. حفظ الله البحرين وشعبها.