لا يمكن أن يرد اسم نيقولاي غوغول (1809 – 1852)، أحد أهم رموز الأدب الروسي الكلاسيكي، دون أن تحضر في الذهن قصته الشهيرة «المعطف»، والتي أضفت عليها أهمية وشهرة أضيفتا على ما لها ولصاحبها من مكانة أدبية وفنية، مقولة ديستوفسكي التي غدت مضرب المثل: «كلنا خرجنا من معطف غوغول»، ولنا أن نخال أن القائل هو ديستوفسكي لا سواه، بكل ما له من مهابة في تاريخ الأدب العالمي، لا الروسي وحده، أن تقرأ لديستوفسكي فأنت لا تقرأ أدباً فقط، وإنما في علم النفس، أو لعله علم النفس نفسه، ولكن في قوالب الأدب، فما من كاتب غار في دهاليز النفس البشرية كما فعل، فهو لم يسبق فرويد في معرفة ما في هذه الدهاليز فحسب، بل إن فرويد تأثر، وهو يدرس ويبحث، بما حوته رواياته.
و«المعطف» لغوغول قصة تحكي تحوّلات بطلها «أكاكي»، الموظف البسيط محدود الدخل، يعمل نساخاً لجمال خط يده، ولكننا لن نقرأ في القصة فقط سيرة بطلها المدمن على العمل، حدّ أنه يأخذ ما تبقى له منه إلى بيته البسيط، منهمكاً فيه هرباً من وحدته وعزلته.
في هذه المرة لن يطالعنا «معطف» غوغول إنما قناعه، وأي قناع؟ إنه قناع الموت الخاص به، وأصدقكم القول إنها المرة الأولى التي أقرأ فيها هذا الوصف، حين طالعت خبراً يقول إن دار مزادات تابعة للصندوق الأدبي الروسي، طرحت مجموعة من القطع القيمة في مزاد، من بينها قناع الموت العائد لغوغول، من تصميم النحات نيقولاي رمضانوف، بقيمة 250 ألف روبل روسي.
تعيننا «ويكبيديا» بتقديم التعريف التالي لما يوصف بـ «قناع الموت»، الذي يسمى في بعض الحالات «قناع الحياة»، ويصنع عن طريق سكب مادة الجص أو الشمع على وجه الميت من أجل الاحتفاظ بصورة طبق الأصل عنه، أحياناً، من أجل نحت تمثال أو رسم لوحة للميت، وقد لاقت هذه الأقنعة رواجاً في العصور الوسطى، لكنها انحسرت مع انتشار التصوير الفوتوغرافي، وسنقرأ أن هناك قصة تحمل اسم «قناع الموت الأحمر»، كتبها إدغار آلان بو، ونشرت عام 1842 لن يتسع الحيز لإيجاز محتواها.
عن قناع غوغول نقرأ لمصممه، رمضانوف، قوله:«بعد العشاء رنّ جرس شقتي، وظهر الكاتب أكساسوف، ليبلغني بوفاة صديقه غوغول، وعندما اقتربت من جثته لم يبد لي أنه ميت، وأثارت ابتسامة على فمه وعينه اليمنى غير المغلقة، فكرة حلم كسول لديّ».
- آخر تحديث :
التعليقات