من حق الكويتيين أن يسألوا: لماذا وصلت البلاد إلى هذا الدرك؟ وما الأسباب؟ وكيف الحل؟
ومن واجب المسؤولين أن يُجيبوا عن تلك الأسئلة، بوضوح لا لبس فيه، خصوصاً عندما يصل السكين إلى لقمة عيشهم، ويُصبح الراتب لا يكفيهم حتى آخر الشهر فإنَّ الأمر بحاجة إلى تحرُّك سريع؛ لأنَّ غضب الناس يزحف على بطونها.
حين يرتفع معدل التضخم تبحث الدول عن الحلول التي تقي الناس شر الحاجة؛ لأنَّ الأمن الاجتماعي مسؤولية السلطات، وواجبها صيانته، وتعمل على رغد عيش الشعب وسعة رزقه، ورفاهيته، ومن واجبه أن يسعى إلى حفظ الأمن وممارسة ما عليه من واجبات.
في كلِّ دول العالم عند الأزمات تفرض الضرائب على الأغنياء والأثرياء، وتدعم الدولة المحتاجين، لكن حين تكون الحكومات خاضعة لأصحاب المصالح والأثرياء والدولة العميقة فإنها تعمل على عكس ذلك؛ لأنها تهدف، في الدرجة الأولى، إلى الحفاظ على مصالح أولئك على حساب شعبها.
للأسف هذا ما عملت عليه الحكومات المتعاقبة في الكويت، إضافة إلى خضوعها إلى تيار متخلف متشدد، يرى الدنيا من ثقب إبرة أفكاره المأخوذة عن كهوف العصور الوسطى، لهذا تستعين الحكومات بالمُسكنات فتتخبَّط بالقرار؛ لأنها فقدت البوصلة ولم تعرف الطريق إلى بناء الدولة القوية القادرة العادلة.
كثيرة هي المشكلات التي يُعاني منها الكويتيون، فيما تبقى الحلول مُجتزأة تراعي أصحاب المصالح والنفوذ، وأبرزها أزمة الإسكان التي ما على الدولة إلا أن تعمل وفق الأسلوب المتبع في دول الجوار، ومنها السعودية والإمارات، حيث تبني شركات، محلية أو أجنبية، البنية التحتية للمدن والمساكن، وتقسطها على عشرين أو ثلاثين أو أربعين سنة، وتكون وفق مواصفات محددة، وليس كما هو معمول في الكويت، إذ ينتظر المواطن 20 أو 25 سنة؛ كي يحصل على الأرض والقرض وبعدها يبني كتلاً خرسانية بشعة.
ولا نغفل عن أزمة القروض الإكثر إيلاماً لشريحة واسعة من الكويتيين، إذ لم تلحظ الحكومات المتعاقبة أن الأزمات منذ الغزو إلى اليوم وبسبب الظروف الاستثنائية الصعبة جعلت الكثيرين يقدمون على الاستدانة من المُرابين، وغيرهم من أصحاب الأموال، وبسبب عدم كفاية الدخل وجد هؤلاء أنفسهم يقعون فريسة التعثر.
أماالحكومات المُتعاقبة فكانت في صفِّ المُرابين وأصحاب الأموال، ولم تنصف المواطن، فلا هي أقدمت على تأجيل القروض أو إسقاطها، ولا أسقطت الفوائد، ونكرر، هنا لا نتحدث عن ديون البنوك، أو قرض بنك الائتمان، إنما عن الذين يمتصون دم الناس ورميهم في السجن.
مطالب الناس بسيطة إذا كانت هناك رؤية واضحة في ما يُمكن أن يقدم للشعب، لكن حين يكون أعضاء السلطة التنفيذية يعيشون في أبراج عاجية، ولا أحد منهم يفكر بالناس، وكأنهم “مدودهين”، وعندما تقفل البلاد بهذا الشكل، عندها ستزداد الأزمات، ويصبح الأمر خبط عشواء.
هذه الحقيقة، على أصحاب القرار التوقف عندها، أما غير ذلك، ومهما كان شكل الحكومات، إذا لم تكن لديها خطة واضحة لحل تلك الأزمات، فستبقى الحال تسير من سيئ إلى أسوأ، فالدولة بحاجة إلى قرار حازم، والابتعاد عن “هذا ولدنا”؛ لأنَّ هذه السياسة أثبتت عُقمها، وجلبت على الكويت الكثير من المشكلات.