ما هو السر الذي يقبع ويكمن وراء إعادة العلاقات بين المملكة العربية السعودية وجمهورية إيران الإسلامية؟ هل هو الدور الصيني المتزايد في المنطقة وخصوصاً في ظل التحديات الجيوسياسية والاقتصادية، أو بسبب الحرب الأوكرانية، أو أن السبب هو تحقق مطالب المملكة والتأكيد على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية؟ هل الأهمية الإستراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط وممراتها البحرية الإستراتيجية للاقتصاد العالمي والرغبة في الحفاظ على الأمن والاستقرار فيها، والرغبة في وقف تصاعد النشاطات المزعزعة للاستقرار في المنطقة وراء عودة العلاقات بين البلدين الجارين؟

الواقع أن هناك عدة أسباب ومسببات لعودة العلاقات؛ أول هذه الأسباب يرجع للسياسة السعودية الحكيمة التي لم تستفز بالاعتداءات من قبل وكلاء إيران في المنطقة، على الرغم من سعي بعض القوى العالمية لاستدراج المنطقة إلى تحالفات تصب في مصلحتها. حيث حرصت واشنطن على جعل إسرائيل القوى البديلة التي تؤمّن المنطقة واستقرارها، الأمر الذي يصب في مصلحة إسرائيل ومبيعات سلاحها ويسهل اختراق منظومة أمن الخليج. لهذا اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت أن استئناف العلاقات بين السعودية وإيران «انتصار سياسي» لطهران، و«ضربة قاتلة» لجهود بناء تحالف إقليمي ضد الجمهورية الإسلامية.

إن السعودية لم تنجرف أو تندفع لهذا الطريق الذي رسم بعناية من قبل الغرب بهدف خلط الأوراق في ظل ضبابية المشهد. حيث تمسّكت السعودية بمبادئ حسن الجوار ومبدأ حوار الدبلوماسية لحل الخلافات، وهو الذي فوّت على اللاعبين تحقيق مآربهم، وقد صرح مستشار الأمن الوطني السعودي «مساعد العيبان»: ⁧بأن السعودية‬⁩ متمسكة بمبادئ حسن الجوار، ومبدأ الحوار والدبلوماسية لحل الخلافات. وقد غرد الأمير فيصل بن فرحان في حسابه على «تويتر»: «يأتي استئناف العلاقات الدبلوماسية بين المملكة وإيران، انطلاقاً من رؤية المملكة القائمة على تفضيل الحلول السياسية والحوار، وحرصها على تكريس ذلك في المنطقة».

إن الحرب على أوكرانيا أخذت تشكل عالماً جديداً يخرج العالم من أحادية القطب الواحد إلى عالم متعدد الأقطاب، الأمر الذي يمكّن منطقة الشرق الأوسط من لعب دورها الهام في السياسات العالمية والاقتصادية بما يعود عليها بالمنفعة على دول المنطقة.

لقد شكّلت عودة العلاقات بين السعودية وإيران خوفاً وهلعاً لإسرائيل والعملاء في المنطقة مثل حسن نصر الله الذي قال: السعودية قوة تقود المنطقة وقد تفاجأنا بالاتفاق بين إيران والسعودية في الصين، لكن ثقتنا مطلقة بأن هذا الاتفاق لن يكون على حسابنا. «كما ذكرت النيويورك تايمز: إن تداعيات واسطة الصين بين السعودية وإيران، يجعل الولايات المتحدة متورطة بعمق في صراعات شركائنا الإقليميين بحيث تتبخر قدرتنا على المناورة ويتم التنازل تماماً عن دورنا السابق كصانع سلام للصين».

سر عودة العلاقات يرجع لعدة أسباب لا يمكن إغفال أحد منها، غير أن من أهم الأسباب لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بين المملكة وإيران، كما أكدته السعودية يأتي انطلاقاً من رؤية المملكة القائمة على تفضيل الحلول السياسية والحوار، وحرصها على تكريس ذلك في المنطقة. الذي يؤكد على المصير والواحد لدول المنطقة، وقواسمها مشتركة، وأن تتشارك سوياً لبناء أنموذج للازدهار والاستقرار لتنعم به شعوب المنطقة.