انتشرت في الأيام الماضية لقطات نادرة لصناعة الثلوج على جبال اللوز بمنطقة تبوك شمال السعودية، حيث من المزمع إقامة دورة ألعاب رياضية شتوية في الأعوام القليلة القادمة، ما حصل ليس صناعة للثلوج، بل صناعة للأمل في بلد تصور الناس أنه مجرد صحارٍ قاحلة وبوادٍ لا حياة فيها.

الثلوج البيضاء ليست غريبة عن مناطق شمال المملكة، ولسنوات عديدة شهدت تلك المدن والنواحي نزولها ووثقها السعوديون، الجديد أنها ستتحول من ثلوج تذوب وتتلاشى مع دخول موسم الصيف إلى مشروع لاستدامتها وتكثيفها أطول فترة ممكنة، وتحويلها إلى منطقة جذب رياضية وسياحية للسعوديين والسياح من خارج البلاد، وكذلك مصدر للمياه للمناطق المجاورة، ومن يزور جبال الألب السويسرية، يشاهد كيف يتم صناعة الثلوج وإعادة تدويرها في الجبال لزيادة كثافتها دعماً لرياضات التزلج الشتوية هناك.

الأجهزة التي تقوم بتكثيف الثلوج على جبال شمال السعودية هي نفس الأجهزة المستخدمة في شمال سويسرا، وتعمل هناك منذ عشرات السنين، ولم يتم اختراعها خصيصا لنا، ما حصل هو أن الشركات العاملة في سويسرا جلبت أجهزتها للجبال السعودية لتقوم بنفس المهمة.

فكرة استزراع الثلوج أو الأمطار أو غيرها من هبات الطبيعة، فكرة إيجابية، تقوم على تكثيف ما هو موجود، وتوسيع تأثيرها وتوظيفها لصالح الإنسان وبناء مشاريع مستقبلية تخدمه.

السعودية لديها العديد من الممكنات والمميزات التنافسية التي حولتها إلى واقع بعدما كانت مجرد أحلام، ما كنا نشاهده ونعرفه في العالم سيكون موجوداً في المملكة.

نعم.. من وسط هذا الفشل والدمار الذي استوطن الشرق الأوسط يخلق الأمل من جديد على أيدي السعوديين، لقد كانت هذه المنطقة قلب العالم ومصدر الديانات ومنها خرجت معظم الحضارات إلى البشرية، ومن حقها أن تستعيد حياتها، ألم نعش طوال 5000 عام معزولين -قصداً- في صحاري الدهناء والربع الخالي إلى قبل العام 1727م العام الذي ولدت فيه الدولة السعودية الأولى، وولد الأمل، لقد حان الوقت ليستيقظ العملاق السعودي، وينشر أحلامه ويبني مستقبله شاء من شاء وأبى من أبى.

«نيوم، وذا لاين» تهدفان لبناء نموذج إنساني وسكاني يستشرف المستقبل ويكون مختلفاً عما عرفته البشرية، باستخدام نظيف للطبيعة وتطويع التكنولوجيا لصالح الإنسان.

جزر البحر الأحمر، تنقل الجزر الاستوائية البعيدة في أقصى المحيطات لتكون أقرب ما تكون للشرق الأوسط وأوروبا، والقدية تقدم بديلاً قريباً «لديزني لاند» باريس واورلاندو ولوس أنجلوس واليابان.

ما تقوم به الرياض هو صناعة للأمل في شرق أوسط امتلأ بالحروب والقتل والدمار والدماء والفشل طوال مئات السنين، وإذا كان المشروع السعودي ينجح بالرغم من ظروف الطبيعة القاسية والمتطرفة في أرجاء واسعة من البلاد، فمن باب أولى نجاحه في دول مجاورة لديها المياه الوفيرة، والطبيعة الخلابة والأنهار الجارية، والأراضي الزراعية الواسعة، فضلاً عن آثار وحضارات غارقة في القدم.

السعوديون قرروا أن ينفضوا الغبار عن مقوماتهم الحضارية، وهو أمر مستحق لا ينازعهم فيه أحد، نريد أن نكون دولة غنية وهذا حقنا، وأن نكون دولة لوجستية فالبحار بحارنا والموانئ موانئنا، ونريد أن نصنع الثلج ونغطي به جبالنا، ونستمطر لتجري المياه في أوديتنا، ونستقطب السياح ونبني الجزر والفنادق والمنتجعات الجميلة، وسنصنع السلاح ونبني الوطن الذي تمنيناه، لا شك أن الحراك السعودي أحدث ضجيجاً كثيفاً في المنطقة والعالم، وهو ضجيج إيجابي سيعتاده الجميع.