هل ستنجح فكرة إعادة الحيوانات المنقرضة إلى الحياة كما روجت لذلك أفلام الخيال العلمي.
وفقا لما نشرته الصحافة العالمية أخيرا، يعكف علماء على إعادة حيوان الماموث المنقرض إلى الحياة مجددا.
والماموث حيوان ينتمي إلى فصيلة الفيلة، وهو جزء من مشروع متكامل يهدف إلى إعادة النمور التسمانية، وطائر الدودو، وكأنها في ذلك مجاراة لمشروع افتتاح سلسلة أفلام المخرج الأمريكي ستيفن سبيلبرج.
وقد يتساءل كيف يمكن إعادة كائنات منقرضة منذ آلاف الأعوام؟ وهذا السؤال تعمل عليه الآن شركات الهندسة الوراثية في أبحاثها للحصول على التسلسل الجيني الكامل للحيوان المنقرض، وهي خطوة انتهى العلماء منها بالفعل خلال الأعوام الثمانية الماضية ومؤداها إمكانية مقارنة المعلومات الجينية للأنواع المنقرضة مع أكثر أنواع الكائنات الحية المعاصرة قربا له، وعن طريق تحديد الاختلافات الجينية التي ميزت الأنواع القديمة المنقرضة عن أبناء عمومتها المعاصرة سيتمكن العلماء من عمل التعديلات الجينية اللازمة لإضافة السمات الخاصة بالكائنات المنقرضة وإنتاج الأنواع الجديدة.
وجه جوليان هيوم عالم حفريات الطيور في متحف التاريخ الطبيعي في لندن انتقادا لاذعا لتوجيه الأموال إلى إعادة إحياء أنواع منقرضة منذ زمن، ورأى فيها إهدارا كبيرا للمال، خاصة مع وجود نحو 400 نوع من الكائنات الحية مهددة فعليا بالانقراض، وكان رأيه في محله، إذ كيف لا توجه الأموال لحماية تلك الأنواع أولا؟! كما جادلت هيذر براوننج الفيلسوفة في كلية لندن للاقتصاد، بأن إنتاج هذه الأنواع وإطلاقها في البرية دون عائلات ترعاها قد يتسبب في معاناة صغار الماموث في البيئة الجديدة، خاصة مع عدم وجود أم، إذ نجد في الفيلة وهي أقرب الأنواع للماموث، روابط قوية تربط بين الأم والرضيع تستمر فترة طويلة من الزمن بهدف الرعاية، وهو أمر غير مضمون للمخلوقات الجديدة المهجنة.
ومن تأمل فيما تقدم، علم علم اليقين أن أي خروج عن مدار الطبيعة، من شأنه التأثير بشكل سلبي في دائرة الحياة البيئية، فالمنقرض لفظته طبيعة الكون وإعادته تعني إحداث توازن غير منضبط وغير سوي.
وما بين مجيز ومنتقد سيبقى ـ من وجهة نظري ـ هذا خلطا في سلم الأولويات، فهناك ما هو أهم بكثير من اللهث وراء الفضول العلمي الذي يعتمد على فلسفة إثبات إمكانية إعادة التاريخ، بل الأحق أن تصرف تلك الأبحاث على الأحياء لا على الأموات، وأن توجه الهندسات الوراثية إلى خدمة البشر لا إلى لحاق الخيال العلمي في دور السينما.
- آخر تحديث :
التعليقات