الله، وكانت بمثابة دار الندوة التي كان العرب يتداولون فيها شؤونهم، ويحلون بها مشاكلهم والتي في أيام سالفة ليست ببعيد عن مدينة جدة، التى اجتمع فيها العرب، وتداولوا في اجتماعهم الكثير من قضاياهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مستفيدين من رئاسة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين حفظهم الله لما يتمتعان به من حكمة وقوة تأثير في القضايا العربية والعالمية، ولما للمملكة من مكانة وعلاقات مميزة على المستوى العالمي.

حضر معظم الزعماء العرب ومثلت جميع الدول العربية، وكانت قمة عربية ذات طابع خاص، ففيها حضرت سوريا الشقيقة ممثلة برئيسها بشار حافظ الأسد، بعد تعليق عضويتها لأكثر من اثني عشر عاماً، أملاً في أن يكون ذلك فاتحة للوصول إلى توافق بين الأطراف السورية بما يكفل استقرارها ووحدة أراضيها، وانطلاقها في ميدان البناء والتشييد بما يحقق رفاهية شعبها الكريم، كما رحبت القمة بعودة العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإيران، لما لذلك من أثر في استقرار المنطقة التي في حاجة إليه، ولما للمملكة من تأثير بالغ على المنطقة، وهي بحق قمة التفاهمات.

كانت أوضاع السودان الحالية ومازالت تؤرق جميع دول العالم، وقد كانت حاضرة في القمة بشكل كبير، والأمل في أن يتوصل الطرفان إلى توافق يحفظ للسودان أمنه ووحدة أراضيه، ويكفل لشعبه عيشاً كريماً، ومن المعلوم أن المملكة العربية السعودية بذلت وتبذل جهداً كثيراً وجاداً للوصول إلى توافق بين الأطراف المتنازعة، منفردة، أو بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية، أو الجامعة العربية، وجاءت القمة العربية لتصب في هذا المسار.

القضية الفلسطينية، هي القضية المركزية للأمة العربية، ولا تغيب أبداً عن جميع القمم، كانت حاضرة في القمة، وأكد القادة على التوصل إلى حل عادل متفق عليه، يحفظ للشعب الفلسطيني حقوقه، ومبني على حل الدولتين، وأن تكون دولة فلسطين على حدود عام سبعة وستين وعاصمتها القدس الشريف، والعالم أجمع يعرف أنه لا سلام في المنطقة دون الوصول إلى حل للقضية الفلسطينية، لهذا فلا بد من بذل المزيد من الجهد للوصول إلى ذلك.

حضر الرئيس الأوكراني السيد زيلينسكي للقمة بدعوة من المملكة العربية السعودية، كما أن الرئيسين الروسي والصيني قد ألقيا خطابين في القمة، وكلنا نعلم عن أن هناك حرباً قائمة بين روسيا وأوكرانيا، والقمة العربية بقيادة المملكة العربية السعودية تسعى إلى النأي بالنفس عن الصراعات الدولية، وألا تكون مسرحاً للدول المتنافسة، وأن الدول العربية لديها علاقات متوازنة مع جميع الدول بما يحقق مصالحها، كما يأكدون على تشجيعهم على المبادرات التي تؤدي إلى وقف القتال، والاتفاق بين الأطراف المتقاتلة.

من أهم المحاور التي تطرقت لها القمة عدم تدخل الدول الأخرى في الشوؤن العربية، والتأكيد على أن الدول العربية قادرة على حل المشاكل التي قد تطرأ بين الدول العربية، أو داخل الدول، والتأكيد على عدم قيام منظمات أو مليشيات خارج إطار الدولة المركزية، والحرص على وحدة الأراضي. كان للقضية اليمنية نصيب هام من تداولات القادة العرب، وأجمعوا على التأكيد على وحدة الأراضي اليمنية ممثلة في الشرعية اليمنية، وأن يتفق أبناء اليمن جميعاً على إيجاد توافق للم الشمل والانصراف إلى بناء الدولة، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وعدم تدخل الدول الأجنبية في المسألة اليمنية، ومساعدتها في تجاوز التحديات التي تواجهها.

تناولت القمة القضية اللبنانية، ووجوب انتخاب رئيس للبنان تقبله الأطراف جميعاً، ويكون ممثلاً للشعب اللبناني بجميع أطيافه، حتى يمكن للبنان الخروج من أزمته الاقتصادية التي انعكست على معيشة الشعب اللبناني، والحقيقة أنه من غير المقبول أن تصل الأوضاع في لبنان إلى ما وصلت إليه، مع ما يملك اللبنانيون من قدرات كبيرة في المجال الاقتصادي والمعرفي، وما تزخر به لبنان من إمكانات في مجالات اقتصادية وسياحية وزراعية.

يبقى الاقتصاد من أهم المواضيع التي تطرق إليها القادة، فالجميع يعلم أن هناك مشاكل اقتصادية جمة يواجهها العالم وليس العالم العربي فحسب، وعلى رأسها التضخم، وعوائق سلسلة الإمداد، وأن العالم يمر بمنعطف كبير، بسبب شح العمولات الصعبة، وتراكم الديون، ولاشك أن العالم العربي جزء من هذا العالم، وعليه فهو متأثر بما يجري، ولهذا فإن القمة قد درست الوسائل الكفيلة بمعالجة المشاكل الاقتصادية من خلال التعاون الجماعي والثنائي، وزيادة الاستثمار ورفع كفاءة الإنتاج، والاستفادة القصوى من المواد الخام التي تزخر بها الأرض العربية، والأراضي الصالحة للإنتاج، لاسيما مع وجود طاقات بشرية عربية قادرة على الاستثمار الأمثل لتلك الموارد.