أراد أمير الشعراء أحمد شوقي أن يُظهر انحياز اللغة العربية إلى تاء التأنيث، وضرب العديد من الأمثلة ليؤكد ذلك الانحياز، فبدأ:

- الحرف بمحدوديته ذكر، واللغة بشمولها أنثى.

- والسجن بضيق مساحته ذكر، والحرية بفضائلها أنثى.

- والجهل بكل خيباته ذكر، والمعرفة بعمقها أنثى.

- والفقر بكل معاناته ذكر، والرفاهية بدلالها أنثى.

- والظلم بوحشيته ذكر، والعدالة بميزاتها أنثى.

- والتخلف برجعيته ذكر، والحضارة برقيها أنثى.

- والمرض بذلِّه ذكر، والصحة بعافيتها أنثى.

إلى أن قال:

- والموت بحقيقته ذكر، والحياة بألوانها أنثى.

ثم ألقى التحية لتاء التأنيث، للأم والجدة والزوجة، والأخت والبنت، والعمة والخالة.

في المقابل يحاول أحد المفسرين أن يرد على الملحدين الذين يُصوِّرون للناس أن الإسلام يأمر أتباعه بضرب نسائهم، وأتى بالمعنى الحقيقي لتفسير الآية الكريمة بكلمة «واضربوهن» في القرآن الكريم، ماذا تقول الآية؟!

(واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً، إن الله كان علياً كبيراً).

ويُعلِّق على هذا الأمر؛ أنه لا يتصور أن الله يأمر بالضرب لشريكة الحياة، بمعنى (الجَلْد)، أو المعنى العامي لكلمة ضرب، لأن ديننا برُقيِّه ورفعته لا يسمح بإيذاء قطة، فما بالك أن يسمح بضرب وإيذاء وإهانة الأم والأخت، والابنة والزوجة.

ويردف قائلاً بأنه: من خلال المعرفة البسيطة في اللغة العربية وتفسيرها، فإن العقوبة للمرأة الناشز كما في الآية عقوبة تواترية تصاعدية، فالبداية تكون بالوعظ والكلام الحسن، والنصح والإرشاد، فإن لم يستجبن فتكون في الهجر في المضاجع، أي في أسرّة النوم، وهي طريقة العلاج الثانية، ولها دلالتها النفسية والتربوية على المرأة، أما «واضربوهن»، فهي ليست بالمدلول الفعلي للضرب باليد أو بالعصا، لأن الضرب هنا هو المباعدة أو الابتعاد خارج بيت الزوجية.

ولما كانت معاني ألفاظ القرآن تُستخلص من القرآن نفسه، فقد تتبَّعنا معنى كلمة (ضرب) في المصحف، وفي صحيح لغة العرب، ووجدنا أنها تعني المفارقة والمباعدة والانفصال، والتجاهل.. خلافاً للمعنى المتداول.

وفي المعاجم وكتب اللغة والنحو (ضرب الدهر بين القوم)، أي فرّق وباعد بينهم، (وضرب عليه الحصار)، أي عزله عن محيطه، (وضرب عنقه بالسيف)، أي فصلها عن جسده.

وهناك آيات كثيرة استشهد بها هذا المفسر، الذي لم أعثر على اسمه، ولكني أتفق معه فيما ذهب إليه، فالأمثلة من الآيات القرآنية التي استشهد بها كانت تحمل الدلالات التي أشار إليها، ومنها:

(فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق)، أي باعد بين جانبي الماء.

(فضُرب بينهم بسورٍ له باب، باطنه فيه الرحمة وظاهره من قِبَله العذاب)، أي فصل بينهم بسور.

ويُقال في الأمثال: «ضرب به عرض الحائط»، أي أهمله وأعرض عنه.

ولدينا كلمات نمارسها في حياتنا مثل: «أضربَ فلانٌ عن الطعام»، أي امتنع عنه.

كل ذلك وغيره؛ يؤكد بأنه المقصود (بالضرب) المباعدة والهجران والتجاهل، وهو سلاح للزوج والزوجة لتقويم النفس والأسرة، والتخلص من بعض العادات الضارة. والأسرة هي الأساس المتين لبناء المجتمع الإسلامي والإنساني، وتحية مرة أخرى لتاء التأنيث.