هل يجوز الاحتفال بالعيد دون مشاهدة (مدرسة المشاغبين)؟ من الناحية النفسية والاجتماعية، ولن أقول الشرعية حتى لا أثير حساسية أحد، صارت (المشاغبين) بمثابة طقس حتمي، لا يمكن الاستغناء عنه هي مع (العيال كبرت) و(المتزوجون) و(ريا وسكينة) و(سك على بناتك) وعدد قليل آخر من المسرحيات اخترقت حاجز الزمن.
أفردت جريدة الأهرام قبل يومين صفحة من الأرشيف إعداد الزميلة دعاء جلال، عن تلك المسرحية، والملابسات التي صاحبتها، تكتشف أن نفس الاتهامات التي نرددها اليوم كنا نكررها قبل نصف قرن، توقفت أمام رأي دكتور يوسف إدريس، لأنه أيضا وبنفس زاوية الرؤية المتحفظة هاجم المسرحية، رغم أن التكوين الفكري ليوسف إدريس، لا يمكن أن يقف في طابور التزمت، ربما مثلا لم تكن العلاقة الشخصية بين يوسف إدريس وكاتب المسرحية علي سالم جيدة، فأراد أن يوجه له تلك الضربة المباغتة.
الغريب أن علي سالم وأيضا المخرج جلال الشرقاوى كان لهما تحفظات سلبية على خروج الممثلين عن النص، وهو أيضا ما ذكره عبدالمنعم مدبولي بعد اعتذاره عن استكمال أداء دور الناظر، وأنقذ حسن مصطفى العرض ولعب الدور، الوحيد الذى دافع هو سمير خفاجة، بذكاء أدرك أن (المشاغبين) ستستمر سنوات، وأنها كتبت شهادة ميلاد لنجم قادم بقوة عادل إمام، وسوف يعتلي العرش، رغم أننا كنا نعيش زمن عمالقة المسرح فؤاد المهندس وأمين الهنيدي ومحمد عوض.
عادل لم يكن المرشح الأول لدور (بهجت الأباصيرى) ولكنه سعيد صالح (مرسي الزناتي) الذى كان وقتها يتقاضى أجرا أكبر، لأنه عرف قبل عادل البطولة في (هاللو شلبي)، إلا أن عادل وجد أن الأباصيري هو الزعيم الحقيقي للمشاغبين، فالتقطها (بدري بدري)، وأضاعها سعيد (بدري بدري).
رفض عادل بعدها المشاركة في (العيال كبرت) التي تعتبر وكأنها جزء ثان لـ(مدرسة المشاغبين)، بدأ عادل رحلة البطولة المطلقة، تحت مظلة المنتج سمير خفاجة في (شاهد ما شافش حاجة) ثم انتقل إلى مشاركة سمير خفاجة في الأرباح، فهو يحصل على ثلث إيراد الشباك، وليس له علاقة بأجر الفرقة ولا تكاليف المسرح ولا الضرائب وغيرها من المصروفات، أي أنه فعليا يحصل على ربح أكبر من سمير خفاجة.
لاحظت على (الأفيش) الأول للمسرحية أن أسماء عادل وسعيد ومدبولي وسهير مكتوبة ببنط كبير.
(بنط) باقي المشاغبين لا يكاد لا يقرأ بالعين المجردة، وترتيبهم كالتالي، هادى الجيار ويونس شلبي وأحمد زكي.
المنتج كانت لديه قناعة بأن الجيار قادم، بينما فعليا أول من حقق النجومية بين الثلاثة هو يونس شلبي.
حكى لي أحمد زكي أنه ذهب صباحًا للمسرح، كانوا يعرضون على خشبة الحرية بالتحرير، شاهد يونس شلبي يعتلي السلم الخشبي، ويمسح اسم أحمد زكي ليكتب اسمه سابقا أحمد.
عندما بدأ أحمد يحقق النجومية الطاغية في السينما، وفي أحد البرامج هاجمه هادي الجيار قائلا إنهما اتفقا في كواليس (المشاغبين) أن من يصل لمرتبة البطولة قبل الآخر، عليه أن يرشح زميله في أي عمل فني ليلحق به، وعاتب أحمد لأنه خان الوعد، وكان رد أحمد أنه لا يملك أن يطلب من المنتج أو المخرج ترشيح هادي أو غيره.
(مدرسة المشاغبين) لم تكن فقط مسرحية حققت نجاحًا طاغيًا، ولا حتى واحدة من طقوس أعيادنا، إنها كتاب كان ولايزال مفتوحًا تستحق في كل مرة قراءة جديدة، يكفى أنها لا تزال قادرة على إنعاش أرواحنا، رغم انف المتحذلقين!














التعليقات