تُمثِّل المملكة العربيَّة السعوديَّة، منذُ تأسيسها على يد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- ومن بعده أبناؤه الملوك البررة، الدَّاعم الأوَّل في خدمة الإسلام والمسلمين، ورعاية مصالحهم، ونُصرة قضاياهم، وفي طليعتها (القضيَّة الفلسطينيَّة)، وتقديم العون الماديِّ والمعنويِّ لأهلها منذُ عام 1348هـ حتَّى الآن، وكان لها الدَّور البارز، والصوت المسموع، والمطالبة العادلة في حلِّ القضيَّة الفلسطينيَّة في المحافل الدوليَّة، وفقَ ما صدر من قرارات أمميَّة وعربيَّة ودوليَّة؛ نحو استعادة حقوقهم المسلوبة، وأراضيهم المحتلَّة، وإنشاء دولةٍ مستقلَّةٍ وعاصمتها القدس الشرقيَّة، وما زالت جهودها دائبةً لا تتوقَّف في الوقوف إلى جانب الإخوة الفلسطينيين، وبذل الغالي والنَّفيس في سبيل استرداد حقوقهم المشروعة، يشهد بذلك البعيدُ قبلَ القريبِ، والعيش في حريَّة وكرامة واستقرار كغيرهم من شعوب الأرض.
وفي سياق التطوُّرات الأخيرة، والاعتداءات الوحشيَّة من قِبَل جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزَّة، بطريقة همجيَّة، شملت الأطفال والنساء وكبار السن، وقطع الكهرباء والمياه، وتخريب البنية التحتيَّة، ومنع دخول المساعدات بأنواعها، وهدم المنازل والمستشفيات بطريقة انتقاميَّة لم يسبق لها مثيلٌ في الحروب العالميَّة وحقوق الإنسان، بمساندة أمريكا، وبعض الدُّول الغربيَّة المتضامنة معها، استهتارًا بالقيم والقوانين والمعاهدات الدوليَّة، وعلى الرغم من نداءات الحقِّ والإنسانية في إيقاف الحرب، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، الا أنَّ إسرائيل وحكامها، ومن يساندهم مستمرون في عدوانهم وهمجيتهم ضدَّ الأبرياء من السكان المدنيين، على مرأى من العالم، بحجة الدفاع عن النفس، وهو ادعاءٌ سافرٌ، الهدفُ منه التهجير القسري، وتصفية القضية الفلسطينية، وإخراج أهلها من ديارهم عنوةً، غير عابئين بالقوانين والأعراف الدولية.
وحرصًا من المملكة وقيادتها الرشيدة، ممثَّلةً في خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين، فقد دعت إلى عقد قمَّة عربيَّة إسلاميَّة السبت الماضي، بعد التَّشاور مع جامعة الدُّول العربيَّة، ومنظَّمة التَّعاون الإسلاميَّة، وعوضًا عن القمَّتين (العربيَّة غير العاديَّة) و(الإسلاميَّة الاستثنائيَّة) اللتين كانتا من المقرر أنْ تُعقدا في التاريخ نفسه، ونوَّهت بأنَّ ذلك يأتي استشعارًا من قادة جميع الدُّول لأهميَّة توحيد الجهود، والخروج بموقفٍ جماعيٍّ موحَّدٍ، يُعبِّر عن الإرادةِ العربيَّة الإسلاميَّة المشتركة بشأن ما تشهده غزَّة، والأراضي الفلسطينيَّة من تطوُّرات خطيرة وغير مسبوقة، تستوجبُ وحدة الصفِّ العربيِّ والإسلاميِّ في مواجهتها، واحتواء للعمليَّات العسكريَّة، وتوفير الحماية للمدنيين، وإطلاق سراح الرَّهائن والأسرى، ووقف التَّهجير القسريِّ للشعب الفلسطينيِّ؛ امتثالًا للأعراف والقوانين الدوليَّة، والمبادئ الإنسانيَّة المشتركة.
وأختمُ هذه الإضاءة السريعة ببعض توصيات البيان الختامي للقمَّة العربيَّة الإسلاميَّة، لمواجهة العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزَّة والضفة الغربيَّة، سائلًا المولى أنْ ينفعَ بها، وأنْ يجعلَها فاتحةً للنَّصر المؤزَّر على العدوِّ المُحتل، إنَّه سميعٌ مجيبٌ. وفيما يلي نصُّها:
- إدانة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزَّة، وجرائم الحرب والمجازر الوحشيَّة واللا إنسانيَّة التي ترتكبها حكومةُ الاحتلال الاستعماري ضدَّ الشعب الفلسطينيِّ، بما في ذلك الضفة الغربيَّة المحتلَّة، والقدس الشرقيَّة، والمطالبة بوقفها على الفور.
- مطالبة مجلس الأمن التَّابع للأمم المتَّحدة باتِّخاذ قرار حاسم ومُلزم يفرض وقف العدوان.
- المطالبة بإصدار قرارٍ فوريٍّ يدينُ التَّدميرَ الهمجيَّ الإسرائيليَّ للمستشفيات في قطاع غزَّة، ومنع دخول الأدوية والغذاء والوقود.
- مطالبة المحكمة الجنائيَّة الدوليَّة بإجراء تحقيق فيما وصفها بجرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانيَّة ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في كافَّة الأراضي الفلسطينيَّة المحتلَّة.
التعليقات