القوائم التي أصدرها كوادر تنظيم الإخوان وروّجوها بتوسع كبير، لا تختلف عما كان يقوم به مسيحيو إسبانيا ضد الأندلسيين خلال ما سمي بمحاكم التفتيش، لقد نشرت الكنيسة المسيحية -حينها- تعاليمها بالقوة والقتل والاغتيال والترويع، وكانت تلاحق الأندلسيين المسلمين ناشرة بينهم المسيحية بالإجبار، فمن لم يستجب لهم يترك للعوام لقتلهم واستئصالهم.

اليوم تمارس جماعة الإخوان المسلمين نفس آلية الاغتيال المعنوي، والتكفير، والتحريض، التي ستنجم عنها لا محالة عمليات قتل واغتيالات، فمن ليس معي فهو ضدي، ومن ليس في فسطاط الإخوان هو فسطاط الكفر حتماً -حسب عقيدتهم-.

هل ما يفعله الإخوان جديداً عليهم؟.. بالطبع لا.

فعقيدة التكفير والهجرة جاءت من أدبيات سيد قطب، وفكرة المجتمع الإخواني المسلم روّجها حسن البنا مؤسس الجماعة بالتعاون مع الإنجليز، وهم يرون أن كل من داخل الجماعة مسلم، صحيح الإسلام، ومن خارجها كافر موغل في الكفر. كلها أدبيات وعقائد شكّلت العقلية الإسلاموية المتطرفة، وهي الحاضن الفكري للجماعات الإرهابية الجهادية التي ظهرت لاحقاً ومنها القاعدة، وداعش، وحماس.

أدبيات إخوانية متطرفة نُشرت بكثافة في المجتمعات المسلمة، خاصة في فترة السبعينات حتى بداية ما يسمى «الربيع العربي»، كانت تفتش في صدور الناس وسلوكياتهم فتكفر هذا وتفسق ذلك، وتلاحق الآخر، لأنهم في نظرهم إما خصوم لم يقبلوا أن ينخرطوا في مشروع الإخوان، أو عصاة يجب عقابهم والاقتصاص منهم.

دعونا نلاحظ كيف يتعاملون بكثير من اللطف والتغافل مع الأفراد والدول المحسوبة عليهم أو حلفائهم، بينما أقل من تلك السلوكيات يقوم بها الآخرون تتحول إلى مصيدة كبيرة لهم يتم فيها اغتيالهم معنوياً ومطاردتهم وتشويههم أمام مجتمعاتهم.

التحريض الذي قاده الإخوان ضد السعودية خلال التسعينات تحت شعار «أخرجوا الكفار من جزيرة العرب» تلاشى تماماً بعد انتقال القواعد العسكرية الأمريكية من المملكة، لكن آثاره بقيت في نفوس الشباب المندفع الذي تم استقطابه بحدة لجماعات تكفيرية. لقد استباحت القاعدة وداعش دماء السعوديين والمقيمين وفجّرت وقتلت، بعدما هيأ التنظيم الإخواني الأجواء ونشر الفتنة وأوغر صدور كوادره.

القائمة التي صدرت مؤخراً تحت شعار «الصهاينة» ليست جديدة ولن تكون الأخيرة؛ فجماعة الإخوان وكوادرها استطاعت استخدام الإسلام دون رادع لصالحها، وحوّلته لسلاح ضد خصومها، حصل ذلك خلال الخريف العربي، ويحصل اليوم، وستفعل مستقبلاً، فأسهل الحلول هو تكفير الناس تحت غطاء القضايا العادلة، التي يخونونها من الباطن ويدعون نصرتها في العلن.

التحريض نفسه قادته الجماعة الإرهابية ضد الأديب والمثقف المصري «فرج فودة»، الذي أدى لاغتياله في نهاية الأمر على يد شاب مندفع، فهل تسعى الجماعة الإرهابية من خلال ذراعها العسكرية «حماس»، أو حلفائها «حزب الله، والحوثيين»، إلى البدء في اغتيال خصومها، أو ترك الأمر للذئاب المنفردة لتقوم بذلك.

لقد هيأت حماس المناخ في العالم العربي، واستغلت الأحداث التي تسببت هي بها -لكنها تتملص منها وترمي التهمة على غيرها- لحشد المشاعر الملتهبة ليس ضد إسرائيل، بل ضد خصومها من بعض الدول العربية ومنصات إعلام ومثقفين، وكأنها تسدد دين إخفاقها في مشروع «الربيع العربي» الذي سقط أمام حكمة دول ومثقفين، رأوا فيه عمالة لأمريكا والاتحاد الأوروبي أكثر منه مشروع عدالة اجتماعية تخدم المشروع العربي.