يمكن أن ندرج اسم المخرج عيسى كرامه في قائمة مخرجي السينما المصرية من المستوى الثالث، وهذه القائمة تضم مخرجين مصريين من أولئك الذين قدموا أعمالاً سينمائية كثيرة لكنها لم تتميز بجودة كافية كي يرتقي أصحابها إلى الأعلى أو تخرج هي من دائرة السينما السطحية إلى دائرة السينما المؤثرة، بحسب قول الناقد الفني المصري محمود قاسم.

ولد عيسى كرامة في القاهرة في الثامن من يونيو 1919، وتعلق بالسينما وفنونها فدرسها في أحد المعاهد الفرنسية بالمراسلة، ثم سافر إلى باريس عام 1951 لتطبيق دراسته عمليا، وهناك تخصص في الإخراج، لكن الرجل كان قد بدأ مشواره العملي قبل ذلك، وتحديدًا في عام 1947 حينما تولى وظيفة مدير للإنتاج في فيلم «الستات العفاريت» للمخرج حسن الإمام من بطولة ليلى فوزي ومحمود المليجي وعزيز عثمان وثريا حلمي.

خلال مسيرته الفنية كمخرج والتي بدأت في عام 1952 بإخراج فيلم «حلال عليك» من بطولة إسماعيل يس وهدى شمس الدين وإليلس مؤدب وثريا حلمي، وانتهت في عام 1970 بإخراج فيلم «مغامرة شباب» من بطولة رشدي أباظة ونيللي ومحمد عوض وناهد يسري، قدم عيسى كرامة نحو 20 عملاً سينمائيًا، تراوحت ما بين أفلام الكوميديا والمغامرات والرعب والخيال المطعمة بالحواديت العاطفية أو الاجتماعية أو الشبابية الخفيفة. هذا على صعيد الإخراج، أما على صعيد التأليف (السيناريو والحوار) فقد كان آخر أعماله في عام 1987 ممثلاً في فيلم «لقاء شهر العسل» من إخراج ناجي أنجلو وبطولة إيمان البحر درويش وإلهام شاهين.

يلاحظ في معظم أفلام مخرجنا أنه كان هو كاتب السيناريو والحوار أو أحدهما، كما يلاحظ أنه اعتمد في ثمانية من أفلامه على إسماعيل يس للقيام بدور البطولة، وهذه الأفلام هي: حلال عيك (1952)، حرام عليك (1953)، إسماعيل يس في متحف الشمع (1956)، إسماعيل يس في مستشفى المجانين (1958)، لوكاندة المفاجآت (1959)، حماتي ملاك (1959) شهر عسل بصل (1960)، زوج بالإيجار (1961).

من جهة أخرى، يحسب لعيسى كرامة أنه اكتشف مواهب الفنان الكوميدي الفذ «حسن أتلة» وقدمه في واحد من أشهر أدواره وأكثرها خلودًا في ذاكرة الجمهور، وهو دور «سي لطفي»، المحتجز في مستشفى الأمراض العقلية في فيلم «إسماعيل يس في مستشفى المجانين»، والذي يقول لزميله حسونة الفطاطري (إسماعيل يس): «لا مؤاخذة يا والدي.. أنا عمك شفيقة.. أصل أنا عندي شعرة، ساعة تروح وساعة تيجي».

وإذا كان هناك ثمة شيء آخر ساهم في ابراز اسمه ضمن المخرجين المصريين فهو حتما فيلم «في سبيل الحب» الذي أخرجه سنة 1955 من بطولة ماجدة ويحيى شاهين. ولم يكن السبب جودة إخراج الفيلم بقدر ما كان عائدًا إلى موضوع الفيلم والسيناريو الذي وضعه كرامة لقصة غريبة ومختلفة عن قصص الحب والتضحية وجرائم الثأر المشابهة التي تدور أحداثها في الريف المصري. هذا ناهيك عن أن الفيلم كان أول فيلم مصري يعرض بالسينما سكوب. وفي هذا السياق كتب الناقد محمود قاسم عن الفيلم قائلاً: «الفيلم لا يحل مشكلة الثأر بل عالج أزمة الزواج بين الحبيبين. هي قصة واقعية كما رأيناها ولكنها مغلفة بقوانين التأليف والمصادفة والانتصار بلا جدوى لخروج القاتل من السجن والانتقام منه، لا أعتقد أن القارئ شهد مثل هذه القصة يومًا في أفلامنا ولا قرأ مثلها فى روايتنا رغم كثرة الإبداع الريفى طوال القرن العشرين، هو موضوع مصرى خاص بالثأر ولكنه مرسوم مثل تحريك قطع الشطرنج، فالشاب العاشق حسن مجاهد (يحيى شاهين)، الذي لا يعرف اسم أبيه الحقيقى (أبو سنبل)، مستعد أن يفعل أى شيء فى سبيل الحب وامتلاك حبيبته وهو لا يعرف جذور القصة لأن حبيبته فاطمة (ماجدة) هي ابنة القتيلة الداية أم علي (سعاد أحمد). الشيء الوحيد المتشابه فى نهاية السينما المصرية هو أن الحبيبين قد فاز كل منهما بالآخر أو كما يقول عنوان الفيلم فى سبيل الحب.

من أفلام كرامة الأخرى، التي تسلى الجمهور بمشاهدتها بسبب خلطتها الكوميدية /‏ الدرامية ليس إلا: «حلوة وشقية» (1968) من بطولة سعاد حسني ومحمد عوض، «الراجل ده حايجنني» (1967)، من بطولة شويكار وفؤاد المهندس، «آخر جنان» (1965)، من بطولة أحمد رمزي وزيزي البدراوي»، «آخر شقاوة» (1964) من بطولة أحمد رمزي وحسن يوسف ومحمد عوض وزيزي البدراوي، «جواز في خطر» (1963) من بطولة أحمد رمزي ونادية لطفي، «الأزواج والصيف» (1961) من بطولة كمال الشناوي ونجوى فؤاد، «مطلوب أرملة» (1965) من بطولة حسن يوسف ونادية لطفي، «نمر التلامذة» (1964) من بطولة أحمد رمزي وحسن يوسف ويوسف فخرالدين.