محزن أن نختتم عام ٢٠٢٣ بلا بريق أمل يضيء طريق العام الآتي، فالحروب المشتعلة لن تنطفئ نيرانها قريباً، والحزن الذي خيم على غزة امتد بسواده إلى العالم كله، فتفاعلت معه الشعوب، وصار قطاع غزة على كل الشاشات، وعلى كل لسان، والقضية الفلسطينية تصدرت نشرات الأخبار مجدداً، وعادت الكوفية لتصبح رمزاً وشعاراً يرفعه المؤيدون، والمنادون بوقف إطلاق النار.
تسمّرنا أمام الشاشات نبحث عن الخبر الحقيقي، والبث المباشر الذي يقرب المسافة بيننا وبين غزة، وأهلها، هكذا صار حالنا مع الفضائيات، تنشط قنواتها الإخبارية في الأزمات، فنبحث عنها، ونتابعها بشكل يومي، أما باقي القنوات فتنام على إيقاع الروتين الممل، ولا تصحو إلا لتشارك في حدث استثنائي، وفي شهر رمضان. أما باقي ساعات بثها فتعتبر مجرد ملء فراغ، ونادراً ما تقع على برنامج مميز يمكن مشاهدته، أو مسلسل جديد غير متوفر على إحدى المنصات العربية. يمكن القول إن المنصات كانت نجمة المشاهدة خلال ٢٠٢٣، سحبت البساط من تحت القنوات التلفزيونية، خصوصاً مع اعتمادها الإنتاج الخاص، تنتج مسلسلات، وتشتري حقوق العرض الحصري، أو الأول، لمسلسلات أخرى، بجانب توفيرها فرصة اختيار الأعمال القديمة لإعادة مشاهدتها في أي وقت يحدده، ويتحكم فيه المشاهد. وهي النقطة الأقوى التي ميزت في البداية المنصات عن القنوات، ومع تطوير أدواتها، واتساع نسب المشتركين فيها، أصبحت الوجهة المفضلة لأعداد كبيرة من الناس.
في ٢٠٢٣ عرفت المسلسلات القصيرة أيضاً طريقها إلى الشهرة الواسعة، وتميز هذا العام بكثافة إنتاج الدراما العربية، والمهم أن الخيارات كانت متعددة، وكبيرة أمام الجمهور، والمسلسلات تراوح بين الممتاز والجيد، والقليل منها كان تافهاً، أو بلا قيمة. وتراجعت محطة «الثلاثين» التي كانت شبه ثابتة ومعتمدة كمحطة وصول أخيرة لحلقات المسلسلات، لتسود العشوائية، فيختار المنتجون والمخرجون العدد المناسب لكل عمل يقدمونه، فشاهدنا تفاوتاً كبيراً بين المسلسلات الطويلة جداً، مثل «الثمن»، و«كريستال» المأخوذ عن الدراما التركية، وقبله كنا شاهدنا «ستيليتو»، وأول سوب أوبرا مصرية «وسط البلد» (الذي استمرّت أحداثه ٢٢٢ حلقة).
على النقيض، اشتهرت مسلسلات العشر، و١٥ حلقة، منها ما عرض في رمضان، ومنها ما استمتعنا بمتابعته طوال هذا العام، مثل «ريفو» بجزئه الثاني، «بالطو»، «كشف مستعجل»، «البيت بيتي»، «كامل العدد»، «موضوع عائلي»، «الغرفة ٢٠٧»، وغيرها الكثير من الأعمال الناجحة التي استطاعت توطيد العلاقة مجدداً بين الجمهور والدراما التلفزيونية، بل الأهم، أنها استطاعت أن تجذب الشباب لمشاهدة مسلسلات عربية، بعد أن أغوتهم المسلسلات الأجنبية، وأهملتهم القنوات العربية منشغلة بالإنتاج للمشاهير من النجوم، بينما فتحت المنصات الأبواب لتقديم وجوه شابة في بطولات مطلقة تقبّلها الجمهور الفتيّ فأنصفها، مثل مسلسلي «بالطو» و«ريفو»، على أمل أن تستمر النهضة في ٢٠٢٤ ولا نعود من جديد إلى طغيان الكم على الكيف في الإنتاج.
التعليقات