عادت أوروبا لتطرح مبادرة للتسوية السلمية للصراع الفلسطينى الإسرائيلى، وأعد «جوزيب بوريل»، مسؤول السياسة الخارجية فى الاتحاد الأوروبى، خطة من أجل تمهيد الطريق لـ«حل شامل وموثوق» للصراع الإسرائيلى الفلسطينى خلال اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبى فى بروكسل، والذى نال موافقة مبدئية من دول الاتحاد.

واللافت أن مقترح بوريل جاء فى وقتٍ طرح فيه وزير الخارجية الإسرائيلى مقترحًا عبثيًا بإنشاء جزيرة صناعية يُنقل إليها الفلسطينيون، وهو اقتراح عكسَ حجم التطرف الذى تعيش فيه الحكومة الإسرائيلية، ورفضها حل الدولتين وأى مسار تسوية سلمية. وقد تضمنت مبادرة بوريل ١٠ نقاط، وتبدأ بسلسلة من الخطوات الإجرائية التى يُعتَقد أنها يمكن أن تحقق السلام فى قطاع غزة فى نهاية المطاف، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وتطبيع العلاقات بين إسرائيل والعالم العربى، وضمان الأمن على المدى الطويل فى المنطقة.

وقد نصت أبرز نقاط هذا المقترح على التالى:

■ تؤدى هذه العملية إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة «تعيش جنبًا إلى جنب» مع إسرائيل، و«التطبيع الكامل» للعلاقات بين إسرائيل والعالم العربى.

■ تساعد الجهات الدولية الفاعلة على إعداد «أرضية للسلام» وبناء «بديل سياسى متجدد» لـ«حماس».

■ عقْد مؤتمر تحضيرى للسلام بهدف التسوية للحرب المستمرة فى غزة، وخاصة الصراع الإسرائيلى الفلسطينى، يحضره وزراء الخارجية ومديرو المنظمات الدولية لبحث عملية السلام.

■ يجب على المؤتمر تشكيل مجموعات عمل وتصميم «إطار مبدئى» لخطة السلام خلال عام واحد بناء على قرارات الأمم المتحدة السابقة وجهود الوساطة، تُعرض بعدها على الجانبين للتفاوض على النص النهائى.

■ توفير «ضمانات أمنية قوية» لإسرائيل والدولة الفلسطينية المستقبلية بشرط الاعتراف الدبلوماسى المتبادل بينهما.

■ سيسعى المؤتمِرون للتخفيف من الأزمة الإنسانية فى غزة، وتأمين إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين، وتعزيز الشرعية الديمقراطية للسلطة الفلسطينية، ودعم إعادة إعمار غزة.

لم تطالب مبادرة بوريل بوقف إطلاق النار، حتى لا يضع شرطًا لقبولها ترفضه حتى اللحظة إسرائيل، كما أنه لم يُدِن حركة حماس وعمليتها فى ٧ أكتوبر، حتى لو تضمن المقترح بديلا سياسيا لها، لأنه سبق وأدانها فى وقتها مثل كل القادة الأوربيين وأصبحت إدانتها اليوم نوعا من «عمى الألوان» الذى لا يرى حجم الجرائم التى ارتكبتها إسرائيل فى قطاع غزة. سيبقى دور الاتحاد الأوروبى فى العالم العربى والشرق الأوسط بالأساس دورا اقتصاديا قائما على الشراكات الاقتصادية والمشاريع التنموية، وأن حضورها السياسى لايزال أقل بكثير من دورها الاقتصادى.. وعادة ما يأتى مساندا للدور الأمريكى أو مكملا له. من المؤكد أن هناك أهمية لمثل هذه المبادرات التى تمثل ضغطا على إسرائيل، وتلفت الأنظار لجوهر المشكلة وهو التسوية السلمية العادلة وحل الدولتين، إلا أن التطرف والاستغناء الذى يحكم تصرفات منظومة الحكم فى إسرائيل يصعّب من فرص نجاح هذه المبادرات، على الأقل فى الوقت الحالى.