-مع تقدم العصر والتطورات الاجتماعية والمدنية، تغيرت مفاهيم العلاقات ، فالتواصل والبر والإحسان من القيم الأصيلة التي يحث عليها ديننا الحنيف ومجتمعنا السعودي، ولكن صار هناك خلط بين الاستغلال وبين العطاء وبين تبادل المنافع وبين الإيثار والتضحية والإحسان.

-تبادل المنافع مقبول، حتى في الزواج، ففي أي علاقة هناك مصلحة فيها حتى ولو كانت غير مباشرة أو فورية، والشعور الطيب الذي تخلقه هذه العلاقة قد يكون بحد ذاته مصلحة، بينما «الاستغلال» هو سلوك يتمثل في استخدام الغير للحصول على مصلحة شخصية دون اهتمام برغبات وحقوقهم.

-تأثير الاستغلال يعم الأفراد والمجتمع بل والعلاقات حتى بين الدول، فالعطاء من باب الإحسان أو المسؤولية أو تبادل المنافع محمود طالما كان برغبة متبادلة وعن رضا ودون ضرر ولا ضرار ولا تقصير في المسؤوليات الأساسية، ولكن إرغام طرف على العطاء وعلى حساب مصالحه والتزاماته ومسؤولياته، والجحود عند عدم مقدرته أو توقفه عن العطاء لأي سبب كان هو من الأنانية والجحود وهو الذي ينبغي اداركه للتفريق بين الواجب وبين الاستغلال وسلوك الاستغلاليين لحماية المجتمع والمصلحة العامة.

-من ناحية أخرى فالبعض هو من يجعل نفسه عرضة للاستغلال عندما يعطي فوق طاقته بدون تقدير التكافؤ في العلاقة بأن لا تغلب عليها الأنانية بين من يعطي دائما وبين من يأخذ دائما وكذلك التقدير الذي على الأقل أن لا يصل للجحود وإنكار المعروف.

-البعض لا يتواصل ولا يتعامل بشكل جيد إلا مع من سيستفيد منه، ويبرر الاستغلال بأنه ذكاء، ويحاول الاستئثار بالخير لنفسه ولو أضر بذلك غيره، كما أن التنمر على من يضع حداً في عطائه لمن يحس باستغلاله قد يجعل البعض يتخوف من ردة فعل المستغلين ومن يؤيدهم من الاستغلاليين، كذلك الخلط بين مفاهيم الإيثار والأنانية والتضحية يساعد في إضعاف استحقاقية الفرد وتقديره لذاته واحتياجاته وأولوياته.

-الاستغلال قد يؤدي إلى مردود سلبي ممن أعطى بأنه يتحول للمنع أو المحاسبة أو الأنانية وتأثير ذلك لو عكسناه على الأسرة فن لاحظ الفرق بين جيل تضحيات الأمهات، وبين انتشار الطلاق وتخلي بعض الأمهات عن فلذات أبنائهن في سبيل مصالحها وأولوياتها، وكذلك عندما يشعر الموظف بالاستغلال من جهة عمله تقديرا في عمله، فيتحول لأناني تجاه تحقيق مصالحه وعلى حساب المصلحة العامة، وينتشر هذا الفكر السام في بيئة العمل.

- هناك عطاء لوجه الله وهذا يختلف عما ذكرناه سابقا، فالعطاء لوجه الله استثمار بين العبد وربه بل وحبب الله فيه، وهذا حق كامل للشخص بأن يمنح عطائه لمن يستحقه بحق تقديره وليس بالإلحاح والاستغلال الذي يتبعه البعض لإجبار الآخرين على تخصيصهم بعطايا كما يحصل في التسول أو ادعاء الحاجة.