تأريخياً، يُحسب للمملكة أنها واضحة جداً في مواقفها تجاه القضية العربية المركزية، القضية الفلسطينية، رغم كل الأحداث والمتغيرات التي حدثت في المنطقة، وفي تعاطي المجتمع الدولي مع هذه القضية، خصوصاً الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن. لقد رهنت المملكة كثيراً من علاقاتها ومصالحها الخاصة بهذه القضية، ودفعت أثماناً ليست قليلة مقابل ثباتها على مواقفها تجاهها، والأهم أنها لم تكن يوماً تمارس سياسة مختلفة أو مزدوجة في الخفاء بخلاف ما تمارسه في العلن، ولم تقدم تنازلات مجانية من أجل مصالحها على حساب القضية الفلسطينية، ورؤيتها للحل الذي يضمن حقوق الشعب الفلسطيني كاملة غير منقوصة.
ومنذ بدأت بعض الدول العربية في الفترة الأخيرة إقامة علاقات مع إسرائيل بشكل أو بآخر، بدأت الأنظار تتجه إلى المملكة وتراقب توجهها في هذا الموضوع، وظهرت كثير من التوقعات والاجتهادات والتحليلات والتقارير والأخبار، وكأن هناك شيئاً خفياً وغامضاً يجري في الكواليس لا تريد المملكة الإفصاح عنه، مع أن تصريحات المسؤولين السعوديين واضحة وعلنية، لا تختلف عن سابقاتها، وأكد ذلك سمو ولي العهد في أكثر من لقاء.
المملكة هي رائدة الحل السلمي ومسار السلام، وهي صاحبة المبادرات التي طُرحت منذ وقت طويل، وتضمن الحل العادل والشامل والمستدام للقضية الفلسطينية، لكن إسرائيل ترفض، وحلفاؤها يدعمون مواقفها المتعنتة الرافضة للسلام، ويؤيدون نهجها في تعقيد الأوضاع، وآخر ذلك ما يحدث في قطاع غزة منذ شهر أكتوبر الماضي. ولهذا يأتي التصريح السعودي الصادر من وزارة الخارجية، يوم أمس، كي يقطع الطريق على المزايدات والتكهنات والتسريبات الملتبسة لبعض مسؤولي الإدارة الأمريكية؛ التصريح بكل بساطة ووضوح يؤكد على ما يلي: «إن موقف المملكة العربية السعودية كان ولا يزال ثابتاً تجاه القضية الفلسطينية وضرورة حصول الشعب الفلسطيني الشقيق على حقوقه المشروعة، كما أن المملكة أبلغت موقفها الثابت للإدارة الأمريكية أنه لن يكون هناك علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ما لم يتم الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية، وإيقاف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وانسحاب كافة أفراد قوات الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة».
وهنا تكون المسؤولية كاملة على الوسطاء المؤثرين الذين يزعمون دعمهم لمسار السلام في المنطقة، الولايات المتحدة الأمريكية تحديداً، فالموقف السعودي واضح ولن يتغير تحت أي ضغوط، ولن تسمح المملكة أن يتحدث الغير بما يخالف موقفها، فإذا أردتم السلام فهذه شروطنا، وإلا ستعيش إسرائيل والمنطقة في مزيد من الاضطرابات التي تؤثر على العالم بأكمله.
التعليقات