يشهد الجميع في الداخل والخارج على أن المملكة قبل العام 2016 ليست هي نفسها بعد هذا العام، ليس لسبب سوى أن هذا العام شهد الإعلان - للمرة الأولى - عن رؤية 2030، التي أحدثت فارقاً كبيراً في المشهد السعودي، وحولت بوصلة اهتمام الدولة إلى ملفات بعينها، وعلى رأسها الملف الاقتصادي، الذي حظي باهتمام ولاة الأمر؛ إيماناً منهم بأن للاقتصاد تأثيراً كبيراً ومباشراً على بقية القطاعات.

خرجت الرؤية على الشعب السعودي حاملة معها الكثير من الوعود الكبرى، كان أبرزها على الإطلاق الوعد بإعادة بناء الاقتصاد الوطني على مرتكزات صلبة، تساعده على تنويع مصادر الدخل، بعيداً عن دخل النفط، الذي ظلت البلاد تعتمد عليه في الميزانيات العامة للدولة عقوداً من الزمن، في هذه الأثناء أبدى كثيرون اندهاشهم، وتساءلوا: كيف للمملكة أن تبني اقتصادها بعيداً عن أموال النفط، ولكن الرؤية أبهرت الجميع بنمو متدرج في دخل القطاع غير النفطي، وصل وللمرة الأولى بفضل التوجيهات السديدة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والمتابعة الحثيثة لسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى 50 % في الناتج المحلي الإجمالي خلال العام 2023.

وتشير مساهمة مجالات الإنتاج غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي، التي بلغت قيمتها 1.7 تريليون ريال إلى حقيقية مهمة، وهي النجاح الكبير والباهر لبرامج رؤية 2030، وقدرتها على تحقيق جميع مستهدفاتها، من أجل بناء اقتصاد مزدهر ومتطور، يواكب الاقتصادات العالمية.

وتأتي الإنجازات التي حققتها أنشطة الإنتاج غير النفطي في نمو الاقتصاد وتنويعه، انعكاساً مباشراً لنجاحات المملكة بقيادة ولاة الأمر في تنفيذ برامج تحقيق الرؤية من خلال مشروعاتها التنموية الكبرى، وقدرتها على فتح مجالات عمل وإنتاج جديدة، تساهم في رفع معدلات النمو، وزيادة مساهمة أنشطة الإنتاج غير النفطي.

نجاح الرؤية في تحقيق ما وعدت به لم يكن من فراغ، وإنما من خطط علمية وبرامج كثيرة، استشعرت ما لدى المملكة من إمكانات وقدرات ومزايا نسبية لا حصر لها، لا تحتاج إلا لمن يعيد توظيفها من جديد، ومن ثم استثمارها بطريقة أو بأخرى، في صورة مشروعات تدر أرباحاً وفيرة، وتحقق هذا الأمر في قطاعات كثيرة، لم تنل حظها من الاهتمام الرسمي في وقت سابق، مثل السياحة والترفيه والتقنيات الحديثة وعلوم الفضاء وغيرها.