هل لديك فكرة عن عدد المساجد في العالم العربي؟ وهل عندك رقم تقريبي لأساتذة العلوم في الديار العربية؟ مجرّد خاطرة خطرت، مجرّد بادرة بدرت، مجرّد شِقشِقة هدرت. جال في الذهن: ماذا لو تقاطرت حشود العلماء، في الفيزياء والكيمياء والأحياء، بفروعها ومشتقاتها وتخصصاتها المتعددة، على الجوامع والمساجد، في كل شهر فضيل، وقليلٌ على لقاء العلم والإيمان شهرٌ في السنة، فلِمَ لا تكون الشهور والفصول والسنون كلها لشرح الآيات المتجليات في الآفاق وفي الأنفُس ليتبيّن للناس أنه الحق؟

اليوم، ما أيسر تعزيز المحاضرات بعروض الوسائط السمعية البصرية. إذا كانت الساعة كثيرةً، فحتى ثلاثة أرباعها أو نصفُها خيرٌ علميّ وبركةٌ معرفية. لم يعد خافياً على أحد، أن أربعمئة مليون عربي، ينتمون إلى أمّة «اقرأ»، وباسم من؟ «باسم ربك الذي خلق»، هؤلاء الذين ينتشرون على أربعة عشر مليون كم2، لا يملكون حتى أربع مجلات علمية لها قيمة. بربّك «الذي علّم بالقلم، علّم الإنسان ما لم يعلم»، هل كثيرٌ على كل مئة مليون عربي، مجلة علمية واحدة؟ مجرّد خاطرة خطرت، مجرّد بادرة بدرت، مجرّد شِقشِقة هدرت، وإلاّ فإن الغائب حجّته معه. وزارات التربية والتعليم غائبةٌ فحجتها معها، وزارات الثقافة غائبة، المؤسسات الإعلامية غائبة وحجتها معها. قطعاً، لديهم البراهين القاطعة على أن محو الأمّية يحتاج إلى قرون.

هل تعرف عدد مساجد الدول العربية؟ مئات الألوف ولا شك. في إندونيسيا ثمانمئة ألف. في البلدان العربية ربما مليون، لا أقل من نصف مليون. في شهر رمضان فقط، تخيل خمسة عشر مليون محاضرة علمية. ماذا لو تبرّع أساتذة العلوم بزاد وفير عميم طوال السنة؟ المؤسف أن نقرأ في كل يوم جديداً عن اكتشافات علماء الغرب، خصوصاً في الفيزياء الفلكية، فنطلق زفرات حرّى: ما للعالم العربي لا يتفكر في ملكوت السماوات والأرض أم على مناهج أقفالها؟ آخر صيحة: اكتشف الفيزيائيون عنقوداً مجريّاً عملاقاً، ما فوق العملاق، لمجرّات عملاقة، في مجموعة تُقدّر بستمئة وستين عنقوداً مجريّاً عملاقاً. هذا الجبّار يبعد ثلاثة مليارات سنة ضوئية، يحمل اسم «إيناستو»، العالم الذي له اكتشافات كبيرة عن تكوين الكون. يضم هذا العنقود 26 ألف تريليون شمس. يحتاج شعاع الضوء لقطع قطره 360 مليون سنة. «فركة كعب»!

لزوم ما يلزم: النتيجة الدعابية: إذا كانت الشمس بحجم كرة الغولف، فإن العنقود المجري العملاق تكون كتلته مثل جبل إيفريست! ملكوت.