التفكير السطحي هو إعمال العقل على نحو بسيط لا يخوض في التفاصيل، ولا يتعمّق في المعلومات والأحداث. مثل قبول فكرة من دون تساؤل؛ أو الحكم على كتاب من عنوانه، أو الاستعداد لمناظرة بمجرد الانتهاء من قراءة مانشيتات صحيفة.

خطورة السطحية في تناول القضايا الكبرى أنّها مشروع أزمة. فعندما يُبنى القرار على معلومات هشة سرعان ما سينهار أمام أول تحدٍ يعترضه. وعندما يشعر من يشكّل فريق العمل أنّه يفتقر الى النقاشات العميقة، فإنّ من حق المسؤول أن يقلق من مخرجاته. والأسوأ أن يناقش برلمان أو مجلس وزراء في أي بلد، موضوعات سطحية على حساب القضايا الجوهرية، أو يناقش أمراً جوهرياً بأسلوب سطحي. هنا مكمن المشكلة.

ولا عجب حينما تتفشّى السطحية في الشاشات الصغيرة والكبيرة، فالإعلام مرآة المجتمع. عندما تسود فكرة الأحكام المسبقة أو الحكم على النوايا، أو القضايا الكبرى والانشغال في التفاهات، حتما سيجد فينا الإعلام ضالته.

خطورة التفكير السطحي أنّه يُكوّن فهماً خاطئاً أو غير دقيق للمعلومات، ويُصعّب على صاحبها حل المشكلات المعقّدة بهذه العقلية. وكلما تفشّت السطحية استمرأها الناس، ثم يبدأ جيل بعد جيل السير على هداهم. وهم لا يدركون أنّ النقاش السطحي دليل إلى أنّ صاحبه لم يبذل جهداً كافياً للتعمّق في تلك المسألة، فتجده ما أن يصطدم برأي وجيه حتى يتهرّب من النقاش أو يسفّه المتكلم ليحفظ ما تبقّى من ماء وجه. وهذه طبيعة السطحيين. فالانفتاح على الرأي الآخر يتطلّب تسلّحاً بالمعرفة والحجة وفضيلة الاعتراف بقصورنا.

وربما كان من الحكمة أن يُحاط السطحي بثلة من أصحاب الآراء السديدة والعميقين في أطروحاتهم. فعندما يجد عضو في لجنة أو فريق أو مجلس إدارة نفسه لا يواكب من حوله فإنّه يضطر إلى الاجتهاد والقراءة والاستعداد لنقاش بنّاء أكثر عمقاً مما يتوقع. فالعقول الكبيرة تدرك أهمية التعمّق في لُبّ الموضوع والصغيرة منها تنشغل بالقشور. ولذلك يقول إيلينور روزفلت إنّ "العقول الكبيرة تناقش الأفكار، والعقول المتوسطة تناقش الأحداث، والعقول الصغيرة تناقش الأشخاص".