تثمن المجتمعات المتقدمة الأدوار التي تلعبها المؤسسات الأهلية في دعم الثقافة والحاضنات الإبداعية للفنانين والمبدعين، فإبراز المكانة الثقافية للمجتمعات يحدد مكانتها بين الأمم المتقدمة ويرسم هويتها الثقافية عبر الزمن !

وتشهد جدة هذه الفترة افتتاح معرضين فنيين، أحدهما فردي والآخر جماعي في «حي جميل» موطن الفنون في جدة برعاية «فن جميل» المؤسسة المستقلة الداعمة والحاضنة للفنانين والمجتمعات الإبداعية، حيث افتُتح معرضا «الجبال المتحركة» للفنانة عهد العمودي و«ملح على شفتي البحر: المراكب التي أبحرت في البحر الأحمر» بأرض المعارض الرائدة في جدة خلال الفترة من ٨ مايو إلى ٢٦ أكتوبر ٢٠٢٤، حيث يجسد المعرضان إبداعات الفن الحديث والمعاصر، من خلال عروض فنية قوية ومنسقة على غرار المتاحف العالمية بمشاركة ١٢ فناناً من ١٣ دولة، مستوحين أعمالهم من موقع مدينة جدة الساحلي على البحر الأحمر !

تقول نورا رازيان رئيسة معارض «فن جميل»، إنهم ملتزمون بالغوص في المواضيع ذات الجذور المحلية التي تعكس روح المكان وتلامس نبضه، وبرأيي أن جوهر الفن هو انعكاس الروح وملامسة النبض، فالأعمال الفنية تؤثر في مشاعر الآخرين ويكمن إبداعها في قدرتها على تحريك المشاعر والإبحار بها في عالم مواز !

الفنانة عهد العمودي في معرضها تحاول من خلال أعمالها في معرض «الجبال المتحركة» رصد سرعة التغيير في النسيج الاجتماعي والثقافي السعودي، كما يناقش المعرض المشهد الطبيعي والحضري في المملكة كموقع قابل للتغيير، حيث يأخذ زواره في رحلة استكشافية عبر عروض فنية وأعمال أدائية وفيديوهات من خلال تفسيرات مفعمة بالفكاهة والأمل للتنقل بسلاسة بين الأشكال والمعاني !

أما معرض ملح البحر على شفتي البحر بمشاركة عدد من الفنانين ضمن برنامج محكم يقام كل سنتين، فيستكشف علاقة البحر الأحمر ببيئاته المترابطة والمجتمعات المحيطة به، ويتتبع طرق التجارة القديمة والمعاصرة والحرف التقليدية والتأثيرات الحديثة !

باختصار.. الفن أداة رصد وحفظ لتاريخ الإنسان ماضياً وحاضراً.. ومستقبلاً !