مهما تحدثنا عن وطننا وأمننا لن يستوعب العالم حديثنا وصدقه حتى يأتوا إلينا ويعيشوا ولو لأيام معدودة هذا الطوق الروحاني والحسي الذي أنعم الله به علينا، واليوم ونحن نستقبل ضيوف الرحمن ونراهم يتحدثون بشغف ودموع منهمرة عن الرعاية الفائقة والمنظومة الأمنية المتطورة وكرم الضيافة فالعالم بأسره يصمت، قصص الحجاج السنوية ليست سيناريوهات من صنع البشر، بل هي قصص عظيمة وأقدار يسوقها الله بفضله وإحسانه، بل كم من مريض جاء ليجد عافيته بفضل الله على أيدي منظومتنا الصحية العزيزة والتي افتخر بها، بل يكاد تنعدم أن تجد لها شبيها في العالم، فالعمليات الصحية الدقيقة التي نسمعها لا يمكن أن يتم إجراؤها في دول العالم بشكل مجاني وبهذا المستوى الطبي المتميز، وكم نسعد ونحن نتعبد الله سبحانه بخدمة حجاج البيت، وهذا المراس الذي يأتي من لدن قيادة حكيمة مهابة وكوادر أمنية يقظة وسواعد إنسانية مضيئة كلها تخلق في رحلة الحاج الطمأنينة والسلام والذكريات الطيبة.

الحج خط أحمر، نعم هو كذلك وفي كل عام تتجدد هذه القاعدة الخالدة، فلا مجال للمنازعات والخلافات، ولن يجد من يسعى لبث الخلاف والسموم أي فرصة، فأعين رجالنا بالمرصاد بل سخرت وزارة الداخلية منظومة تقنية متطورة تتضمن فحص العلامات الحيوية وبصمات الأوجه فلا مجال للجريمة ومن تسول له نفسه سيجد الرد الرادع وفورا، وما تأتي هذه القوة إلا انعكاسا لقوة وعزم الدولة وعدم ادخارها لأي جهد لراحة الزوار الكرام، وجعل زيارتهم السنوية رحلة آمنة والريادة السعودية في إدارة الحشود لا يباريها أحد ولله الحمد والمنة، هذه مكة المكرمة بوصلة القلوب ووجهة المحتارين.

إن مكة للسعوديين ليست مجرد قبلة المسلمين، بل هي لنا بمثابة القلب النابض والتاريخ والهوية وهي أيضا الحاضر والمستقبل.

تحولات اقتصادية عديدة تشهدها مكة اليوم لتعزيز مكانتها الاقتصادية بجانب مكانتها الدينية العريقة، من خلال تطوير محركات اقتصادية جديدة وتحسين الإنتاجية عبر بناء القدرات وزيادة مشاركة ومساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة بحسب ما أوضحت الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة كما أنها استلهمت استراتيجيتها من قدسية مكة المكرمة مهبط الوحي، ومنطلق رسالة الإسلام، وما تم تحديده من أهداف في رؤية المملكة 2030، واستنادًا إلى ذلك تمت صياغة التوجه والأهداف لتحقيق خطط البرامج الاستراتيجية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة. وأهم ركائزها الزوار من خلال إثراء جودة الزيارة عبر توفير تجارب غنية متنوعة ذات قيمة مضافة مع مراعاة خصوصية المدينة. وتحسين جودة حياة السكان وتشجيع التنوع والكفاءات العالمية، كما تهتم الخطط بتطوير وتحسين التخطيط في مدينة مكة المكرمة وتوفير منظومة تنقل متكاملة وزيادة المراكز الحضرية وإعادة توزيع الكثافات العمرانية. جذب الاستثمار وتوليد الوظائف والارتقاء بالخدمات ليست الأهداف الوحيدة، بل الهدف الأبعد هو تحقيق الاستدامة المالية وتنمية الناتج المحلي وقد ساهمت بالفعل في الناتج المحلي حيث يبلغ في المواسم العادية 168 مليار ريال.

أخيرا، فإنه من صور المروءة اليوم ألا تبخل بتقييم مقدمي الخدمات المتميزين، وأن تنقل تجربتك للعالم كما عشتها، فهناك الكثير من المهتمين لسماعها.. وحج مبرور وسعي مشكور وحياكم الله.