لا تزال التوترات بين الصين وتايوان على أشدها، ولم تتغير حال العلاقات منذ سنوات، وبينما تتمسك بكين بسيادتها على الجزيرة، وتشدد على أن أي خطوة تدعم استقلالها، ستكون شرارة لإعلان حرب لاستعادتها بالقوة للدولة الأم، فإن تايبيه ترفض أي إجراء صيني، مؤكدة استقلالها وتأهبها للمماحكات العسكرية؛ المتمثلة في المناورات الجوية والبحرية المتواصلة التي يجريها الجيش الصيني على مقربة من حدودها.

مخاوف الصين ليست نابعة من النظام الحاكم في تايوان فحسب؛ بل إن أكثر ما يؤرقها، التدخلات الأمريكية، والدعم العسكري والسياسي المقدم لتايبيه. فقد كشفت «الفايننشال تايمز»، أن الرئيس الصيني شي جين بينغ أبلغ رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، في إبريل/نيسان 2023، أن واشنطن استفزت بكين لمهاجمة تايوان، وأنه لم يسقط في فخ الولايات المتحدة، وترى بكين أنه لأجل ذلك، مدت أمريكا الجزيرة بمختلف أنواع العتاد المتطور، وكان آخرها التصديق على صفقة محتملة لبيع منظومة قذائف مضادة للدروع لتايوان تتجاوز قيمتها 60 مليون دولار، وأكثر من 290 طائرة مُسيّرة.

ولم تخفِ وزارة الدفاع التايوانية، أن هذه الأسلحة موجهة لصد الصين؛ إذ أكدت «في مواجهة العمليات العسكرية المتكررة للحزب الشيوعي الصيني في محيط تايوان، وافق الجانب الأمريكي على بيع أسلحة تمكننا من الرد بسرعة على تهديدات العدو»، في حين قال رئيس الجزيرة لاي تشينغ تي إن «بلاده لن ترضخ لضغوط بكين».

كل هذا يدفع الصين إلى إجراءات أشد شراسة، فقد قال وزير الدفاع الصيني دونغ جون، إن جيش بلاده مستعد لمنع استقلال تايوان ب«القوة»، وحذّر من أن احتمالات «إعادة الوحدة» سلمياً مع تايوان «تتآكل»، على نحو متزايد بسبب «الانفصاليين التايوانيين» والقوى الخارجية، وتعهّد بضمان عدم حدوث الاستقلال أبداً؛ بل إن بكين اتخذت إجراءات شديدة تجاه تايبيه لإبقائها متحفزة، وعقاباً لها على النهج «الانفصالي» الذي تسير فيه.

يبدو أن تايوان تسير على خطى أوكرانيا، من خلال مواصلة استفزاز العملاق الآسيوي، وهو الأمر الذي يُدخلها في صراع لن تجني منه إلا الخراب والدمار لمصلحة الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة الساعية إلى تثبيط الصعود الصيني الذي يهدد قطبيتها ومصالحها العالمية.

كييف تورطت في الحرب مع روسيا، وزين لها الغرب مواصلة الحرب ودعمها بالمال والسلاح لاستنزاف موسكو، وكانت النتيجة خسارة أوكرانية فادحة للأرض والبشر؛ لذا فإن أمام تايوان الفرصة للتنبه وأخذ العظة، كي لا تكون حصان طروادة لأحد، يتم استخدامها لتحقيق مصالح غيرها، على حساب شعبها وكيانها وتطورها، ولئن كان «الدب» لقن الغرب درساً ضمن حدود أوكرانيا، فإن نار «التنين» قد تمتد لتحرق الغرب في عقر داره.