في كل صيف يعيش ملايين الطلاب حول العالم مشاعر مختلفة أبرزها الحيرة والأمل والتمني والترقب لما ينتظرهم خلف أسوار الجامعة، بعد أن أنهوا سنوات التعليم المدرسي وما قبله، عبر مسيرة احتاجت لتمامها ربما أكثر من 70% من أعمارهم الغضة.

يضعهم اختيار التخصص والجامعة أمام مسؤولية تحدد إلى شكل كبير مسار حياتهم العملية، فضلاً عن طبيعة سنوات الدراسة الأكاديمية، ولدى الكثيرين ممن سبقوهم حقائق تؤكد لهم أن طريق النجاح إما بدأ أو استُكمل لديهم، انطلاقاً من هذا المفترق.

هذا السؤال الذي لا يخلو منه أي بيت، في مرحلة يرتبط بالتخصص الجامعي الأنسب، لا يمكن أن يجيب عنه إلا الطالب ذاته، لكنه في المقابل يستدعي معرفة واعية وحقيقية بالميول والإمكانات والقدرات الذاتية، ووعياً بالواقع المتغير، واستشرافاً للمستقبل، بفرصه وتحدياته، الذي ينتظر طالب اليوم، بعد أن يصبح خريجاً مؤهلاً.

الوصول إلى هذه المعرفة وذاك الوعي، قد يكون بحاجة إلى مساعدة من الأهل والمقربين الثقات، وقد يتطلب الأمر الاستعانة بخبرات جهات متخصصة، دون الوقوع في فخ المسوقين بأنواعهم المختلفة، سواء كانوا باحثين عن الترويج لمؤسسات جامعية بعينها، أو حتى مسوقين، بنية حسنة، لآراء شخصية بحتة، وتفضيلات، قد لا تنطبق بالضرورة، على الطالب الباحث عن تخصصه الجامعي الأنسب.

وقبل أيام كنت ضيفاً على الهواء مباشرة على قناة نور دبي الفضائية، عبر برنامج «لمن يهمه الأمر»، الذي يقدمه الإعلامي الدكتور جاسم ميرزا، وكان السؤال المحوري مفاده: ما هو أسباب عزوف الطلاب عن اختيار تخصص الصحافة، في مرحلة التعليم الجامعي؟

سياق الجلسة النقاشية قادت إلى نتائج مهمة، تنسحب على كافة أبنائنا في مرحلة التعليم الثانوي، ومن هم على أعتاب اختيار التخصص الجامعي، أبرزها في رأيي، ضرورة أن يحظى الطالب خلال مرحلة الدراسة الثانوية، بفرصة حقيقية لمعايشة نماذج من خريجي التخصصات التي يفكر في الالتحاق بها في بيئة عملهم، والقيام بممارسة حقيقية لمهنة المستقبل، والاطلاع عن كثب على ظروف العمل بها، ومزاياها وسلبياتها، ومناقشة العاملين بها، دون الاكتفاء بجولة جماعية على المؤسسات.

حينها فقط لا مانع من التقاط صورة للوفد المدرسي الزائر يتم الاحتفاء بها على منصات التواصل الاجتماعي وموقع المدرسة الإلكتروني، واستخدامها لأغراض الترويج، لكنها وقتئذٍ لن تكون مجرد صورة للذكرى، بل شاهداً على أن المدرسة قد قامت بدور عملي في تعريف الطلاب بواحدة من المهن التي قد يقود إليها مستقبلاً اختياراتهم للتخصص الجامعي، وقد يصبح تثقيف طلاب المرحلة الثانوية حول التخصصات الجامعية المتاحة، ضمن الأنشطة اللا صفية الرئيسية التي تؤخذ في الاعتبار عند تقييم أداء المدارس الحكومية والخاصة.