القارئ للاستراتيجيات التنموية التي تم إطلاقها خلال الأعوام القليلة الماضية، يلاحظ أن دولة الإمارات أولت اهتماماً خاصاً بالقطاع الخاص.

حيث صار شريكاً استراتيجياً للحكومة ليتقاسم معها مهمة تنفيذ العديد من مشروعات تدخل ضمن خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والمعروف أن دول النمور الآسيوية، خصوصاً سنغافورة وماليزيا، كانت سباقة في ذلك.

وأدركت ماليزيا منذ سنوات مضت أن السبيل الأوفق لإحداث تنمية متوازنة هو تعظيم دور القطاع الخاص واعتباره شريكاً أصيلاً يناط به الإسهام في حركة تحديث وتطوير المجتمع.

وكان نتاجاً لهذه الشراكة الاستراتيجية أن لعب القطاع الخاص دوراً رئيسياً في انتشال ماليزيا من الأزمة المالية الطاحنة التي تعرضت لها في أواخر القرن الماضي، وهكذا أصبحت التجربة الماليزية يحتذى بها في تأكيد أهمية وجدوى الشراكة بين مؤسسات الدولة وشركات القطاع الخاص.

وحالياً يطرح مفهوم «المسؤولية الاجتماعية» للدلالة على الدور الذي يتعين على شركات القطاع الخاص أن تسهم به لدمج مشروعات العمل الاجتماعي، وذلك باستقطاع نسبة مقدرة من الأرباح التي حصل عليها جراء تنازل الدولة له لتنفيذ مشروعات البنية التحتية والعديد من المشروعات اللوجستية ذات العلاقة بتجارة الخدمات، وانطلاقاً لتلك الشراكة الضرورية الهامة، أطلق برنامج «نافس» .

والذي يهدف لبناء شراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، وتمكين القطاع الخاص بحيث يكون محركاً رئيسياً في المسيرة التنموية للإمارات لزيادة القدرة التنافسية للقوى العاملة الإماراتية، وإرساء الأسس لتمكين المواطنين من شغل 75 ألف وظيفة في القطاع الخاص خلال السنوات الخمس المقبلة.

وأعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، أنه لأول مرة في تاريخ الدولة يصل عدد المواطنين العاملين في القطاع الخاص لأكثر من 100 ألف مواطن، وأن الهدف إضافة 100 ألف وظيفة جديدة للمواطنين خلال الأعوام الثلاثة القادمة بإذن الله.

ودون سموه عبر حسابه الرسمي على منصة «X»: «اطلعت على نتائج استراتيجية التوطين في القطاع الخاص في دولة الإمارات، لأول مرة في تاريخ الدولة يصل عدد المواطنين العاملين في القطاع الخاص لأكثر من 100 ألف مواطن، منهم 70 ألفاً انضموا في آخر عامين ونصف بعد إطلاق أخي رئيس الدولة لبرنامج نافس بدعم سخي بلغ 24 مليار درهم وإطلاق العديد من التشريعات الداعمة والمحفزة للتوطين في القطاع الخاص والنمو الاقتصادي المتسارع في بلادنا».

مؤكداً سموه: «أن القطاع الخاص والقطاع الحكومي يعملان بتناغم وتكامل، والقوى العاملة المواطنة وغير المواطنة تتمتع بمئات الآلاف من الفرص التي يوفرها اقتصادنا الوطني، وهدفنا أن نضيف 100 ألف وظيفة جديدة للمواطنين خلال الأعوام الثلاثة القادمة بإذن الله»، خاتماً سموه: «قادم بلادنا وشبابنا واقتصادنا أجمل وأفضل وأعظم بإذن الله تعالى».

وأطلقت حكومة دولة الإمارات الاستراتيجية الوطنية للتشغيل 2031، الهادفة إلى استقطاب وتأهيل القدرات والطاقات البشرية المواطنة وتمكين مشاركتها وحضورها في سوق العمل، وبناء اقتصاد معرفي بإنتاجية عالية لتحقيق ريادة الأعمال وتعزيز مكانة الدولة وتنافسيتها في المؤشرات العالمية.

وغني عن القول إن القطاع الخاص يبدي التزاماً كبيراً في تحقيق مستهدفات التوطين حيث نجحت مجموعة من المنشآت العاملة في الدولة في رفع نسب التوطين بشكل لافت، ما كان له أثر ومكاسب إيجابية على المواطنين والمنشآت ذاتها، مع تزايد إقبال الشركات المملوكة لرجال أعمال إماراتيين على توظيف الباحثين عن عمل من المواطنين.

وقال رجل الأعمال الإماراتي خلف الحبتور: «توظيف المواطنين حق وواجب علينا وسنعطيه الأولوية القصوى خلال الفترة المقبلة.. وأنا شخصياً سعيد وفخور بتجربة التوطين في مجموعة الحبتور، فلدينا اليوم 107 مواطنين ومواطنات وهدفنا وصول هذا الرقم إلى 150 مواطناً ومواطنة مع نهاية العام الحالي».

وتطبق الإمارات سياسة شاملة تتضمن التحفيز والتدريب والتأهيل للمواطنين في العديد من المجالات، سعياً للارتقاء بمهاراتهم وضمان حصولهم على الوظائف التي يطمحون إليها في القطاع الخاص كركيزة رئيسة لحياة كريمة، وتعزيز مساهمتهم في قيادة ركب التطور والتنمية الاقتصادية في الدولة.