علي حمادة

تشير مصادر دبلوماسية غربية في بيروت إلى أن "الرد الإيراني المباشر على إسرائيل في اعقاب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قلب طهران، مصحوباً بردّ حزب الله إثر اغتيال رئيس أركانه فؤاد شكر في ضاحية بيروت، آتٍ وبمشاركة الفصائل المرتبطة بالنفوذ الإيراني من اليمن الى العراق، حتى لو تبين أن ثمة تقدماً حصل على مستوى التفاوض المباشر وغير المباشر بين

الإيرانيين والأميركيين بشأن وضع أطر وضوابط على الرد الإيراني".

ومن الواضح حسب المصادر عينها أن "الأزمة الكبيرة التي حصلت مع قيام إسرائيل بعمليتي الاغتيال في طهران وضاحية بيروت الجنوبية أطلقت الماكينة الدبلوماسية في سعي حثيث لضبط التصعيد تجنباً لنشوب حرب شاملة في المنطقة، لا تريدها الولايات المتحدة وأيضاً إيران".

لكن المشكلة هي أن طهران تبحث عن ردّ مؤلم لإسرائيل يحدث ضجة كبيرة، لا أن يكون الردّ شبيهاً بالردّ الأخير (عملية الوعد الصادق) ليلة 13 - 14 نيسان (أبريل) الفائت، حيث كان التنسيق بين طهران وواشنطن بالتالي تل ابيب واضحاً منذ اللحظة الأولى لانطلاق أسراب المسيرات الانقضاضية من الأراضي الإيرانية. فإيران تعاني من ضربة إسرائيلية قاسية ومذلة نوعاً ما. وهي تظهر مدى الاختراق الاستخباراتي الإسرائيلي ليس في المجتمع الإيراني المدني فحسب، بل في قلب المنظمة الأمنية - العسكرية للنظام. وللتذكير فقد اغتيل إسماعيل هنية في مجمع سكني خاص بكبار ضيوف "الحرس الثوري" الذي يعتبر العماد الأول للنظام.

ثم إن حرب الاستنزاف التي تخوضها الفصائل بدءاً من "حزب الله" المعتبر أهم الأذرع الإيرانية في المنطقة بدأت تنزلق شيئاً فشيئاً نحو حرب أكبر وأعمق وأكثر خطورة من أي وقت مضى. كما أن التعويل على أن إسرائيل لا تبحث عن فتح جبهات تحرف جهدها عن حرب غزة، لم يعد في مكانه بعدما أحرزت إسرائيل تقدماً ملموساً في القطاع، وحولت جزءاً كبيراً من مجهودها العسكري نحو جبهة الشمال مع "حزب الله"، وهي قادرة على التعامل مع الجبهات الأخرى مثل لبنان الذي يتحصن فيه "حزب الله" مستعيناً بقوة نارية كبيرة جداً، واليمن حيث تلقت جماعة الحوثي رداً إسرائيلياً كبيراً في ميناء الحديدة على هجوم الطائرة المسيرة الحوثية على تل أبيب.

والآن نجح بنيامين نتنياهو من جديد بعد الاغتيالين في جر الولايات المتحدة عسكرياً الى المنطقة، على قاعدة أنه في حال أي هجوم إيراني كبير على إسرائيل، سيتم تجاوز خلافات إدارة الرئيس جو بايدن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحت عنوان أن الحرب الإيرانية ضد إسرائيل هي حرب إيرانية (حتى الآن روسية) على الغرب برمته.

من هنا التحول المتدرج من حرب غزة رداً على عملية "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023، إلى مواجهة إسرائيلية - إيرانية تستبطن مواجهة بين المعسكرين الشرقي (روسيا، الصين وحلفاؤهما) والغربي (الولايات المتحدة وحلفاؤها) بما يوسع من نطاق المواجهة الدولية وليشمل الى أوكرانيا، ساحة الشرق الأوسط من إسرائيل إلى إيران مروراً بلبنان واليمن. من هنا خطورة المرحلة الراهنة.

سيأتي الرد الإيراني. لكن ماذا عن الرد الإسرائيلي على الرد الإيراني؟ والسؤال نفسه يطرح بالنسبة إلى رد "حزب الله" من لبنان. واللافت أن عاملاً جديداً دخل على خط معادلة ضبط إيقاع حرب غزة، وحرب الاستنزاف الإيرانية. إنه عامل التصعيد الإسرائيلي المتدرج صعوداً، بهدف تعديل موازين القوى بعدما اختلت منذ عملية "طوفان الأقصى".