موسى بهبهاني

الدولة أولت اهتمامها للعناية بشؤون الشباب وتهيئة أسباب القوة والرعاية لهم وتنمية قدراتهم البدنية والخلقية والفنية وتوفير الوسائل الكفيلة بتنشئة المواطن الصالح اجتماعياً وبدنياً وثقافياً وتعزيز ولائه للوطن، كما تعنى برعاية الحركة الرياضية في البلاد والعمل على دعمها ونشرها وتطويرها وفقاً للمبادئ الأولمبية والدولية.

فالشباب هم مستقبل الوطن إن تم تهيئتهم وتأهيلهم بطريقة صحيحة لممارسة الرياضة بأنواعها كافة بلغوا بالوطن إلى مقامات عالية، وفي الوقت ذاته خدموا أنفسهم، وبنوا أجساماً قوية، فالعقل السليم في الجسم السليم، وكذلك يتم القضاء على وقت الفراغ والبعد عن أو التقليل من استخدام الأجهزة الذكية والبعد عن رفقاء السوء والتي تدمر الإنسان.

إن الشباب والفراغ... مفسدة للمرء أي مفسدة

وان استرجعنا الحقبة الماضية نجد أن الدولة كانت تتبنى القطاع الرياضي وتوفر كل مستلزمات الرياضيين من إعداد وتدريب وتأهيل واختيار المدربين الأكفاء للنهوض بالرياضة الكويتية، وبالفعل في فترة السبعينات والثمانينات كانت الكويت تتربع على عرش الرياضة في إقليمها الخليجي وفي إقليمها الآسيوي، بل ارتقت إلى الإقليم العالمي بتأهلها لكأس العالم كأول دولة خليجية.

ما سر النجاح في تلك الحقبة؟

- السبب في ذلك كان اهتمام الدولة في المراحل العمرية الأولى بدءاً من المدارس الحكومية، كان الاهتمام بالحصص الرياضية بإسناد تلك المهنة إلى مدربين أكفاء حيث كانت تقام بطولات على مستوى فصول المدرسة وترتقي لاحقاً لدوري المدارس الحكومية.

- الاهتمام بالشباب وتوفير كل الإمكانات لتأهيل وتدريب الشباب في مراكز الشباب المنتشرة في المناطق السكنية كافة، وكذلك كانت تقام بطولة خاصة بتلك المراكز الشبابية.

- الأندية الصيفية كذلك كان لها دور كبير في الاهتمام بالألعاب الجماعية.

- الملاعب الترابية المنتشرة في المناطق كانت تستقطب الشباب لممارسة رياضة كرة القدم للمراحل الشبابية كافة، وللأسف اختفت أو كادت أن تختفي هذه الساحات بسبب التوسع العمراني ما كان سبباً في عزوف الشباب عن ممارسة رياضة كرة القدم وهبوط مستواهم في هذه اللعبة، ولو نلاحظ أن جيل عمالقة الكرة الكويتية كانوا من خريج هذه الساحات الترابية.

- الأندية الرياضية كانت تولي اهتمامها بالشباب واستقطابهم وتدريبهم، بالإضافة إلى إرسال لاعبين ومدربين من تلك الأندية لمتابعة تلك الملاعب بشتى أنواعها لاختيار اللاعبين المتميزين من أصحاب المهارة واختيارهم للانتساب إلى الأندية الرياضية.

ولذلك، كان المستوى الرياضي في أوجه في مختلف الألعاب الجماعية والفردية، علماً بأن جميع اللاعبين كانوا من الهواة، ولكنهم كانوا مخلصين للأندية المنتسبين لها.

ففي تلك الحقبة كانت الرياضة الكويتية في القمة، وتقدمنا في شتى الأنشطة الرياضية كالجمباز والسباحة والغطس وألعاب القوى بمختلف تشعباتها والمبارزة بسلاح الشيش والجودو والكاراتيه وكرة اليد والسلة والطائرة وكرة القدم.

الشهيد فهد الأحمد الصباح، رحمه الله، كان خير قيادي في تلك الحقبة المميزة وارتقت دولة الكويت بوتيرة سريعة ومدروسة للتربع على عرش كرة القدم في الإقليم الخليجي والآسيوي والعالمي، فكانت الكويت:

1 - أبطال دورة الخليج العربي لسنوات دون منازع

2 - بطل دورة آسيا

3 - بطل الدورة الأولمبية

4 - أبطال المنتخب العسكري

5 - التأهل إلى بطولة العالم لكرة القدم

بل تميزنا بكوكبة من اللاعبين من ذوات المهارة الفنية العالية فمن كان على دكة الاحتياط كان لا يقل مستواه الفني عن مستوى اللاعب الأساسي، فكان المدربون في حيرة عند اختيار اللاعبين الأساسيين.

الشهيد فهد الأحمد، رحمه الله، اهتمّ بالقطاع الرياضي وكان مرافقاً للمنتخب في معسكراته، طبّق سياسة الضبط والربط على اللاعبين بعدم السهر والتواجد في الغرف في وقت محدد والالتزام بالحصص التدريبية والحرص على تحلي اللاعبين بالأخلاق الرياضية، وكذلك عزّز علاقة الصداقة بينه وبين اللاعبين ما عاد بالإيجاب على المستوى الفني.

تقلّد مناصب محلية ودولية عدة

رئيس اتحاد كرة القدم

رئيس اللجنة الأولمبية الكويتية

رئيس اتحاد كرة السلة

رئيس الاتحاد الاسيوي لكرة اليد

رئيس المجلس الأولمبي الآسيوي

نائب رئيس الاتحاد الدولي لكرة اليد

عضو اللجنة الأولمبية 1990.

- وضع فريق كرة القدم لدولة الكويت على خارطة المحافل الدولية لدرجة أن الدول الآسيوية كانت مستغربة من هذا التطور السريع للمنتخب الكويتي ليكون بطلاً تخشاه الفرق الآسيوية.

مواقف لا تُنسى

الأول

المساهمة من ماله الخاص في إعداد المعسكرات للمنتخب وتذليل كل الصعوبات والمشاكل التي يواجهها اللاعبون.

الثاني

الحرص على التحلي بالروح الرياضية، وشاهدنا الخشونة التي يتعرّض لها لاعبو منتخبنا بالملاعب ويتم تركيز اللاعبين على الأداء ولعب الكرة بالفن.

الثالث

عندما كان اللقاء الكروي مع منتخب نيوزيلندا لتحديد الفريق المتأهل لكأس العالم في إسبانيا حيث تعرّض الفريق الكويتي لحملة منظمة من الصحافة النيوزيلندية، منها هذه العبارة:

الكويت بلد الإبل والخيمة ولن يتمكنوا من رياضة النبلاء وسنقوم بإرجاعهم إلى الصحراء التي أتوا منها؟

فقام الشهيد فهد بالرد عليهم فعلاً لا قولاً، وفاجأنا بشحن جَمل وألبسه تي شيرت المنتخب الوطني وقام بشحنه إلى نيوزيلندا بالتعاون مع الفنانين الكويتيين بإطلاق أغنية مميزة هيدو our kamel، وبالفعل كانت لفتة مميزة وكان هذا الشعار سبباً في الفوز عليهم.

موقف آخر

في مباراة المنتخب الكويتي مع المنتخب الفرنسي نزل الشهيد فهد الأحمد، من المنصة إلى أرض الملعب وتمكن من إلغاء هدف فرنسا في كأس العالم وذلك لم يحصل أبداً في دورات كأس العالم.

... وأخيراً جمع الدولتين الجارتين الإسلاميتين جمهورية العراق والجمهورية الإيرانية كروياً بعد انتهاء الحرب بينهما في الكويت على ملعب الصداقة والسلام.

ومن هنا نستخلص شخصية وقوة وإدارة الشهيد فهد الأحمد، رحمه الله، في إدارته وتطبيق الضبط والربط والتزام اللاعبين بتلك التعليمات والتي تكون نتائجها لصالح الوطن، بالإضافة إلى انتسابه إلى المجتمع الرياضي الآسيوي والدولي، وتكامل العمل بالاهتمام من الدولة ومن ثم من المسؤولين عن الحركة الرياضية، وأخيراً من اللاعبين المخلصين والمحبين للوطن، بالرغم من أن اللاعبين كانوا هواة، إلا أن الالتزام بالتعليمات الإدارية والحصص التدريبية والعلاقة الودية الأخوية بين اللاعبين والمسؤولين كانت هي السبب في هذا النجاح والوصول إلى الأهداف المرجوة.

إذاً، ما الذي حدث للرياضة الكويتية والذي بسببه كان هذا التراجع المستمر؟!

«يتبع في مقال آخر».