حمد الحمد

قبل أيام وصلتني مُكالمة من صديق من السعودية يسألني إذا كان قد صدر لي جزء ثالث من كتابي «حديث الديوانية» الذي صدر الجزء الأول منه عام 2010، والثاني عام 2012م، ومن قبل وصلتني مُناشدات عدة تُطالب بالجديد، إلا أنني أرد عليهم بأنه وإن صدر لا يضيف لي شيئاً، والكتاب يضم حكايات سمعتها من الدواوين بعضها فيه الحكمة، والبعض الآخر فيه الطرافة وهكذا، وبعد ذلك الاتصال تذكّرت أنني قد كتبت بعض المقاطع عن القسمة والنصيب ما زالت محفوظة في «اللاب توب»، حكايات تدل على أن الصدف قد تغير حياتنا للأفضل، والحكايات حقيقية وليست من نسج الخيال، والبعض على لسان أشخاص التقيت بهم، ومنها أذكر التالي:

حكايتنا الأولى، عن شاب كان في رحلة عمل، والتقيت أنا معه في بلد ما، وقال لي: إنه تورط مع عائلة في الطائرة، والعائلة من امرأة كبيرة بالسن مع ابنتها، وعندما نزل طلبت منه المرأة العجوز أن تستقلا معه تاكسي لكونهما لا تعرفان البلد، وفعلاً تم ذلك، وفي اليوم التالي طلبت الأم أن يأخذهما لمكان آخر وفعل، وحينها قال لي: «ناس محترمين لكن لا أعرف كيف أتهرّب منهم»، قلت له «هذا عمل خير والله يعينك»، المُهم بعد ثلاثة أشهر وعند عودتي للبلاد، إلا أسمع أن صاحبنا قد خَطبَ تلك البنت وتزوّجها وأصبحت أمها عمته، وبعد ثلاثين سنة من ذلك الحدث إلا شاهدته معها مُصادفة في سوق، والآن لهما أولاد وأحفاد.

الحكاية الثانية، فلان الفلاني يروي لي يقول: كنتُ أعمل في شركة مدير ودخل عليّ في مكتبي رجل كبير بالسن أعرف أسرته ومعه ابنته، وطلب مني أن أتوسط لابنته في قسم التوظيف حيث إنها خريجة جامعية، يقول رحبت بهما ورحت أسأل البنت، لكن أسئلتي طال مداها حتى أنني نسيت والدها، وبعد حين قلت لوالدها: «عمي ممكن تروح معي المكتب الثاني أريدك بكلمة»!، وذهب معي وهو مُندهش وهناك قلت له «عمي بأطلب يد بنتك»؟ وقف باستغراب وقال «خير يا ولدي»!، وراح لابنته وقال لها «تعالي بنروح» وغادر معها، وسألته البنت «وين بنروح» أجابها «هذا المدير يطلب ايدك»، ردت قائلة «يبه أنا أبي وظيفة ما أبي زواج»، يقول صاحبنا ما هي إلا فترة قصيرة وإلا البنت موافقة، وتم الزواج ونعيش معاً ليومنا هذا، ولنا أولاد وبنات، وضحكت على سالفته الطريفة، وأسرع خِطبة في تاريخنا.

الحكاية الثالثة، رواها لي فلان الفلاني، رحمه الله، قال لي: كنت أُصلي في مسجد، وبينما كنت أود الخروج إلا أشاهد شاباً أعرفه ومعه طفل صغير، استغربت الوضع وتصافحنا، وقلت من ولده هذا؟، قال: ولدي، وهنا تذكرت أن هذا الشاب قد تزوج مرتين لكن يطلق خلال فترة قصيرة لحالة نفسية، ولهذا لم يعد أحد يزوجه بعد طلاقه السريع، سألته كيف تزوجت؟، قال: كنت ذاهباً لمؤسسة حكومية مُعاملتي عند مديرة القسم، وبينما كنت في طريقي لمكتبها، إلا مرت عليّ موظفة مُحجبة لم تلتفت لي، لكن أنا نظرت لها، ودخلت مكتب المديرة وقلت لها: البنت اللي خرجت من مكتبك من بنته؟ قالت ليش؟، قلت بسأل إذا كانت متزوجة، قالت لا، قلت مثلا لو تقدمت لها هل تقبلني كزوج، ابتسمت وقالت: عطني اسمك ورقمك وأنا أبلغها، وفعلاً تم التواصل معها وأسرتها وقبلتني زوجاً، وهذا ولدي منها والحمد لله.

ونكمل في مقال آخر بحكايات بالموضوع نفسه، وأن الفرص قد تخلق لك حياة جديدة، وأن هناك قسمة ونصيباً أحياناً لمن يستغل الفرص.