وليد عثمان
الذي تعيشه واشنطن على المستوى السياسي كثير، وسيزداد مع احتدام المعركة الانتخابية بين جمهورييها وديمقراطييها في سبيل السيطرة على البيت الأبيض بعد غياب الرئيس جو بايدن عن المشهد في يناير/ كانون الثاني المقبل.
السؤال هنا يتعلق بزيارة بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، العاصمة الأمريكية، أخيراً، ولقاءاته المتعددة مع رموزها السياسية بدءاً من جو بايدن، وبشكل خاص خطابه أمام «الكونغرس» الذي اهتم بعض المتابعين له بإحصاء مرات التصفيق فيه والوقوف تحية للزائر، وهي كثيرة، للتدليل على ما اعتبروه تجاهلاً من المصفقين والمشجعين لما تقترف يدا الضيف في غزة من جرائم.
ولم تمضِ أيام على عودة الرجل إلا واستطالت يداه خارج غزة، وبدا للمراقبين أن شهيته انفتحت على مزيد من التصعيد غير عابئ بكل التحذيرات من اتساع نطاق الحرب في المنطقة؛ لأن في ذلك خسارة لكل الأطراف.
رأينا كيف كرّر بنيامين نتنياهو الخروج على قواعد الاشتباك التي كانت مستقرة مع «حزب الله» منذ بداية الحرب على غزة، وهذه المرة باستهداف أحد أكبر قياديّيه: فؤاد شكر.
وكان ذلك رسالة جديدة للحزب تقول إن إسرائيل قادرة على أن تطال قياداته، بل أقربها إلى حسن نصر الله، أمينه العام، على النحو الذي تكرر مرات منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
ما حدث في الضاحية الجنوبية لبيروت، إذا ما قرئ منفرداً، فيه اعتياد لموجات التصعيد والتبريد بين «حزب الله» وإسرائيل من غير أن يقرر أحدهما فتح جبهة جديدة للحرب المباشرة استمراراً لسقوط شعار «وحدة الساحات» الذي شاع قبل حرب غزة في تهديد لتل أبيب بأن حركة «حماس» لن تقاتل وحدها.
هذا الاعتياد تبدّل بعد ساعات من استهداف فؤاد شاكر باغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، في غارة إسرائيلية على طهران؛ إذ بدا أن بين العمليتين رابطاً واحداً هو إيران. في الأولى، ضربة جديدة لأكبر أذرع إيران في المنطقة، وفي الثانية طعنة لسيادتها، ليس باغتيال أحد ضيوفها على أراضيها فحسب، إنما أيضاً في مستهل تولي رئيسها الجديد المسؤولية، وكان هنية أحد حضور حفل أدائه اليمين.
العمليتان، إذاً، رسالة مكثفة لإيران بتزامنهما مع توجّه بوارج أمريكية إلى السواحل اللبنانية، ما فسره البعض على أنه خطوة أمريكية لإحباط أي رد فعل على التصرفين الإسرائيليين، وذلك يعني مباركة واشنطن لهما، رغم نفيها ذلك.
هذا يرجّح لدى كثيرين أن بنيامين نتنياهو أقدم على العمليتين مأذوناً من الجانب الأمريكي خلال زيارته واشنطن، ربما ليس بشكل مباشر، وإنما بما لاقاه من ترحيب وحفاوة اعتبرهما نصراً لشخصه بعد معارك كثيرة مع زملائه العسكريين والسياسيين وتأخر تحقق الأهداف المباشرة للحرب في غزة.
آخرون يرون فيما فعل نوعاً من التهور الذي يعلم أنه لن يُحاسب عليه، لكنه يطيل عمره السياسي ولو بوضع المنطقة كلها على حافة الخطر.
.. واشنطن وحدها تعرف أي الرأيين أرجح.
التعليقات