نجيب يماني

لم تكن النتائج والقرارات السريعة التي انتهت إليها قضية انقطاع الخدمة الكهربائية في محافظة شرورة مؤخّراً؛ إلا سطراً جديداً من سطور الفخر والاعتزاز بوطننا وقيادته الرشيدة، في هذا العصر الزاهر، عصر سلمان الحزم والعزم، ومحمد «الرؤية»، لتترسخ في الأذهاب، وتتعمق في القلوب حقيقة جلية أن ركائز هذا الوطن ودعائمه قائمة على أوتاد صلبة من العدل، وتأمين الحقوق، وتفعيل الطاقات، بحثاً عن رفاهية المواطن وسعادته، وضمان تنعمه بخيرات وطنه، صوناً لحياته الكريمة، وتعميقاً لمفهوم الوطنية والانتماء والولاء، وسبيلها في ذلك محاربة الفساد أينما وجد، والمحاسبة على التقصير والإهمال من أي جهة صدر، وإيقاع الجزاء على مقترفه أياً كان، وفي أي منصب علا أو سمق، فالكل سواسية أمام ميزان المحاسبة عند التقصير، بلا محاباة أو مداهنة أو تطفيف.

إن الدرس الجديد الذي قدمته قيادتنا الرشيدة في حادثة كهرباء شرورة، يؤكد نهجها الذي التزمته من أول يوم، وجعلته ديدنها، ومنهاج عملها، في سرعة البت في القضايا على ميسم العدل والاستقصاء المحقق، والتزام العدل كل العدل، وتوفير كافة الضمانات من أجل الوصول إلى الحقيقة ولا شيء دونها، ومن ثم تحميل الجميع مسؤولياتهم، وتوقيع الجزاء المناسب عليهم. وفي الوقت نفسه رسالة مهمة لكل جهة مسؤولة أن لا مكان للمقصر مهما علا وأن المواطن في عين القيادة ومدار اهتمامها وأن هناك تحولاً وطنياً يشهده الوطن يحمل الخير والرفاهية

فكان التوجيه الأول من سمو وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان، بسرعة الرفع بنتائج التحقيق حيال الحادثة، وفي ذلك ملمح مهم يتصل بما أشرنا إليه من الاهتمام المتعاظم الذي توليه دولتنا من أعلى قمتها لكافة القضايا التي تتصل بالمواطن وحياته الكريمة، كما أنه بعث بالطمأنينة وأشاع حالة من الرضا من يقظة العين الرقيبة، حيال أي تقصير أو فساد، فجاءت نتائج التحقيق وفق المأمول من الاستقصاء الباصر، والتتبع المحقق، وتحديد أوجه القصور، والجهات المسؤولة عنه، دون تسويف أو مماطلة أو محاباة، فكانت القرارات على مستوى الحدث من خلال إعفاء أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في الشركة مع ثلاثة من المديرين من مناصبهم القيادية في الشركة، بتحميلهم مسؤولية التقصير والإهمال في أداء التزاماتهم المتعلقة بالأعمال الموكلة لهم.

ولم تقتصر المعالجة على ذلك؛ بل تم «اعتماد تنفيذ الإجراءات الفنية اللازمة لمعالجة أوجه القصور الذي تسبب في انقطاع الخدمة الكهربائية عن المستهلكين بمحافظة شرورة، وتنفيذ برامج الصيانة اللازمة ومراجعة ضبطيات أجهزة الحماية في المحطة».

والأجمل من ذلك كله أن مجلس إدارة الهيئة السعودية لتنظيم الكهرباء، الذي يرأسه وزير الطاقة، قد جعل من هذه الحادثة مرتكزاً لمعالجات أخرى لضمان عدم تكرارها في أي منطقة أخرى، وذلك من خلال «الاستمرار في متابعة التحقق من جاهزية جميع محطات التوليد وشبكات نقل الكهرباء وتوزيعها في جميع مناطق المملكة بالاستعانة بمكاتب استشارية فنية مستقلة بالتنسيق مع الهيئة وتحت إشرافها، ومتابعة تنفيذ التوصيات الناتجة من مراجعة خطة الشركة لفصل صيف 2024م لجميع مناطق المملكة، واعتماد تنفيذ الإجراءات اللازمة لمعالجة أي قصور في تقديم الخدمة الكهربائية، مع تأكيد المجلس على محاسبة المقصرين وإيقاع الجزاءات وفق أنظمة الشركة ولوائحها، وإحاطة الهيئة بشكل عاجل بما يتم في هذا الخصوص»..

وأكمل المجلس شروط عدالته وصيانته لحق المواطنين بإيداع مبالغ التعويضات المالية لجميع المستهلكين المستحقين في محافظة شرورة، وفقاً لدليل المعايير المضمونة للخدمة الكهربائية، بشكل آلي ودون الحاجة لتقديم شكوى أو مطالبة من قبل المستهلكين، وفي غضون الفترة الزمنية (10 أيام) المقررة سلفاً..

إن هذه المعالجات الباهرة والناجزة التي تمّت في قضية كهرباء شرورة تتجاوز برمزيتها، الواقعة والحادثة في حد ذاتها، لتبعث برسائل عديد في بريد من يهمهم الأمر ويعنيهم، ومفادها أن عين الرقيب ساهرة، وأن لا مكان للفساد في مجتمعنا، ولا مكان للتقصير والإهمال، وأن لا محاباة ولا مجاملة في المحاسبة فـ«الموس على كل الرؤوس» المقصرة والمتهاونة في أداء عملها، وبهذا فقط تنهض الأمم وتعلو، ويجد فيها المواطن الأمن والإحساس الحقيقي بالانتماء، وتتعمق في داخله نوازع الولاء الصادق لقيادته الراشدة، وقد نذرت حياتها لراحته وأوفت وسعها لرفاهيته، وأدت فرضها لسعادته.

حفظ الله لنا القائد والقيادة وأدام علينا نعمة المحبة فمن زرع الحب حصد المحبة.