من زاويته الثامنة، يشرق علينا ناصر الظاهري كل صباح، في عمود يومي، مثل برامج غصبا عنك الأولية، يسقط عموده على رؤوسنا حيناً وفي قلوبنا أحياناً أخر.

ناصر يمرر أغلب رسائله ويغلفها بكلمات وعبارات شعبية قديمة ولكن لها دلالات معينة لدى الإماراتيين، وبذلك هو قادر على إيصال رسائل تُفهم من المواطنين أولاً ثم يفهمها الغير عبر لغة شعبية نقية.

ينتمي الظاهري إلى جيل الجسر، جسر بين ماضي الإمارات وحاضرها، الذي عاصر ولادة ونشأة النهضة في الدولة، وأمثال ناصر دائماً ما يتنقلون في كتاباتهم بين قبل وبعد، ملعبهم، مدركين أنه لا يمكن الحديث عن مرحلتين إلا بعد أن تعيشهما، وهو الشرط الاول، أما الشرط الثاني فهو أن تملك الموهبة لإيصال هذه الرسائل إلى جيل الشباب لكي يستطيعوا تخيل التغيير بين الأمس واليوم.


ناصر الظاهري

استوفى ناصر كافة الشروط تبارك الرحمن، وهذا المحتوي الدرامي في كتاباته هو بمثابة ثمار دانية حان قطافها. مثال على ذلك، هذه القصص والمشاهد السينمائية التي نراها في كتابات ناصر عندما يتحدث عن مدينته العين، يرحل بك الكاتب من خلال تفاصيل وروعة الوصف إلى أحياء العين القديمة ونخيلها وأهلها، وتلمس حينها أن خلاصة ما يريد أن يقوله هو "العين قرة العين".

على فكرة، هذه المقالات مواسايات في دهاريز الظاهري، مغبرات، يمكن تحويلها إلى أعمال درامية محليه لأن المحتوى موجود والباقي كتابة حوارات، وإيجاد محتوى لنصوص محلية مازال يعتبر تحدياً كبيراُ ومنذ زمن طويل.

حتى تستطيع أن تتابع كل ما يكتبه ناصر، يعني أنه يجب أن تكون متفرغاً تماماً، ولكن مع ذلك، فهو يمتلك القدرة على جعل كتاباته كحلقات متصلة ومنفصلة في الوقت نفسه، كي يدخلك في جوه متى ما عدت إلى العمود المشهود، وتنساب معه في شعوره وكأنك جلست إلى جانبه وفي صحبته وقت الكتابة، أو كأنك قارئ يومي، تعيش معه أجواءه متى شكر ومتى ضجر، ومتى تفاءل أو تشاءم أو احتفل.

قبل سنوات غابرة نشر الكاتب مقالا بعنوان "ذباب الصيف"، وطبعا لا مجال للشكّ في موروثه الشعبي، موروث راهي ما شاء الله.

ليس هناك أجمل من كتابات ناصر إلا لقاءه، حلو المعشر، سلسل كأعناب بوردو التي يتغنى بها خفية بين أسطر رسائله.

نبا نسأل ناصر بحكم أنه قدر يومي عن صورته فوق العمود، التي اختارها لتمثله في عيون الناس، هل هي صورة تحاكي الواقع؟

الصورة مشيناها، طيب ليش اللمعة في الوجه!

حبيبنا ناصر

ارحمنا

صورتك تحتاج تحديث.