بماذا تجيب إذا طرق سمعك سؤال: كيف حال العالم العربي؟ وآخر: وكيف حال الأمّة الإسلامية؟ الأفضل أن يكون الجواب من قبيل: «ليس الغبي بسيّدٍ في قومهِ.. لكنّ سيّد قومه المتغابي». مثلاً: «ما المسؤول عنها بأعلم من السائل»، أو«أنا لا أقول لك، وأنت لا يخفى عنك»، أو قول الطغرائي: «ويا عليماً على الأسرار مطّلعاً.. اصمت ففي الصمت منجاةٌ من الزللِ». جميل أن يكون السؤال خالياً من الفطنة المعرفيّة، والجواب وقائيّاً هروبيّاً؟ أغلب الظن أن السائل ماكر مغرض، فوراء أكمة الاستفهام شيء من التشفي، كأن يكون من إمبراطورية كل لحظة في تاريخها نهر دماء، أو من دول حلف شمال الأطلسي، المصرّ على عدم تغيير مساره، بالرغم من إغلاق حلف وارسو بالشمع الأحمر، أو من بلدان الحضارة الغربية سابقاً، التي التفّت على نفسها مدخلة ذيلها في فمها، تبتلع نفسها بنفسها. المصريون القدامى ظرفاء حتى في عقيدتهم، فالغرب في قاموسهم هو غروب النهاية، «نهاية التاريخ» تاريخ الغرب. من الفيلسوف الألماني أوسوالد شبنغلر وكتابه «تدهور الغرب» إلى أيّامنا، تشكّل الكتب عن أفول الغرب، مكتبةً باللغات الأوروبية. لكن تلك الاستفهامات حقيقة تحتاج إلى مواجهتها، لا على طريقة «مواجهة التحديات» التي درجت الأجيال على سماع جعجعتها من دون طحن حبّة حنطة أو شعير. في أيّ بلاد العرب يتعلم التلاميذ، أن العرب أمّة؟ في أيّ البلدان يتعرّفون إلى الاقتصادات العربية كقوة محورية في الاقتصاد العالمي؟ من سمع أو قرأ في الإعلام، شيئاً عن مجموع القدرات العسكرية العربية، إذا تحقق الدفاع العربي المشترك؟ هل خطرت على بال المؤسسات التعليمية، فكرة ملتقى لبحث موضوع حيوي مصيري: توحيد المناهج، أو حتى التنسيق والتقريب وتبادل الخبرات؟ من ضروب الخيال العلمي، التي قد تجعل قوى ما يسمّى «المجتمع الدولي» تطوّق الخريطة العربية كقطيع الذئاب، مجرّد أن تلعب في الرؤوس شطحة من قبيل تعاون الدول الإسلاميّة عمليّاً، لا بالكلام الهذياني، في الشؤون السيادية. ألمانيا التي نهبت كل ذهب اليونان في الحرب العالمية الثانية، اليوم كلتاهما في الاتحاد الأوروبي، وهما لا لغة ولا تاريخ مشترك ولا حتى تكافؤ اقتصادي. في حين أن عدداً من بلاد العرب بينها ما صنع صاحب المطرقة والسندان. مع ذلك حذار القول إن الأمّتين ليستا بخير، فلا يُحمد على مكروه سواه. لزوم ما يلزم: النتيجة الوصلية: في هذه المسائل أيضاً نرى انعدام بصمة المناهج. العمى.
- آخر تحديث :
التعليقات