أحمد الجميعة
العمل الإستراتيجي لأي منظومة هو من يحقق الكفاءة والإنتاجية والحوكمة؛ وفق أفضل الممارسات وأعلى معايير الجودة، ويضمن مع ذلك المرونة والرشاقة التنظيمية في التعامل مع المتغيرات، وصناعة القرار وفق سلسلة من السياسات والقواعد والإجراءات التي تحفظ سلامته، وتوجهاته المستقبلية برؤية أكثر عمقاً ونضجاً، وتقديراً للمصلحة العامة، والمستهدفات الوطنية العليا.
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -الرائدة على مستوى المؤسسات التعليمية في المملكة- اتخذت قراراً بالتحول إلى نظام الفصلين الدراسيين بدءاً من العام الجامعي المقبل، واستمرت هذا العام في نظام الفصول الدراسية الثلاثة، وتُعد الجامعة بهذا القرار الوحيدة من بين الجامعات الأخرى التي منحت نفسها وقتاً كافياً لهذا التحول لمدة عام، وذلك بعد عدة دراسات معمقة، وتقارير ميدانية، واستثمار المرونة في التقويم الدراسي، والسبب في هذه المدة حتى يأخذ العمل الإستراتيجي دورته الكاملة تجاه الخطط الدراسية والوزن النسبي للمقررات؛ بدءاً من القسم العلمي وانتهاءً بمجلس الجامعة، وهذا مؤشر على حالة النضج التي وصلت إليها الجامعة اليوم في حوكمة إجراءاتها كافة، والحد من ارتجالية اتخاذ القرار، وتحمّل تبعاته، وبالتالي الجميع يعمل طوال هذا العام للتحضير لمرحلة الفصلين الدراسيين بكل هدوء، وانسيابية، وتطوير أيضاً، من خلال منهجية لا تؤثر على الطالب في تخرجه، ولا برامج الاعتماد التي حققتها الجامعة بتميّز.
قرار التحول في جامعة الإمام يعد نموذجياً إذا ما تم مقارنته بالجامعات الأخرى التي قررت التحول خلال شهرين أو ثلاثة، وإستراتيجياً في توقيت اتخاذه للمواءمة مع منظومة المؤسسات التعليمية الأخرى التي لا ترغب الجامعة في الخروج عن نسقه العام، وبالتالي مثل ما نجحت الجامعة في تطبيق الفصول الثلاثة فعلياً؛ ستنجح أيضاً في تطبيق نظام الفصلين؛ لأن التغيير لن يكون جوهرياً، ولكنه مدروس لمصلحة الطالب أولاً، وبالتالي التحديات التي واجهتها كثير من الجامعات في التحول السريع إلى نظام الفصلين؛ استفادت منها الجامعة ومنحت نفسها الوقت الكافي لمرحلة التحول.
الرؤية الإستراتيجية التي عليها اليوم جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وتنفيذها بقيادة معالي أ.د. أحمد العامري؛ تعكس جوانب تميّز ونجاح في مجالات أخرى؛ فاليوم الإيرادات الذاتية للجامعة وصلت إلى 600 مليون ريال، وتمثّل 10% من ميزانيتها، والطموحات والفرص أكبر لمضاعفة هذا الرقم، وتنويع مصادر الدخل، كذلك تُعد الجامعة الوحيدة التي تُعيد هيكلتها مرتين في مدة زمنية متقاربة وصولاً إلى مخرجات تستجيب لاحتياجات سوق العمل، ومشاركة أكثر فاعلية لخدمة المجتمع وتنميته، ولذا تُعد مخرجات الجامعة الأكثر تميّزاً في عدة تخصصات حيوية، إلى جانب تسجيلها لأكثر من 47 براءة اختراع، واحتضان 89 مشروعاً لطلابها لتتحول إلى علامات تجارية ناجحة في السوق، والتوسع في المعاهد في الخارج لتعزيز دور ومكانة المملكة العالمية، كذلك -وهذه نقطة مهمة- دورها الكبير الذي تحول إلى أيقونة في تعزيز الوسطية والاعتدال والتسامح في المجتمع، من خلال تنظيم عدة مؤتمرات وملتقيات وندوات، وأنشطة طلابية متعددة.
اليوم العمل الاستراتيجي في جامعة الإمام يقدّم لمؤسسات المجتمع نموذجاً فريداً من الأثر الذي يبقى للمستقبل، ويمنح المزيد من الفرص لمضاعفة الجهد، وتحقيق ما هو أفضل في إعداد إنسان ينافس عالمياً، وهذا هو الأهم مع رؤية 2030.
التعليقات