فاطمة المزروعي

العقل الإنساني فريد من نوعه، ويختلف من إنسان لآخر، والعلماء انقسموا بين مؤيد لفكرة وجود الاذكياء والأكثر ذكاء والعباقرة، وأنهم أناس يولدون بمميزات عقلية مختلفة عن الآخرين، وهناك علماء يؤكدون أن العقل الإنساني واحد، والذي يميز بين عقل وآخر هو درجة الإصغاء والتفكير والتأمل والتعود على الاستنتاج وكيفية استغلال قدرات العقل وإمكانياته، وبالتالي تدريبه على التميز والتفكير المتقدم والمختلف عن السواد الأعظم من الناس. 

ومن أهم الوسائل لتحقيق هذه الغاية التعليم، خاصة للنشء.. في كلتا الحالتين فإن الذكاء والموهبة عملة نادرة، واكتشافها يتطلب إعداد برامج وبحوث وتقصٍّ بين طالبات وطلاب المدارس الموهوبين، والذي دون شك موجودون. 

في الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من الدول في أوروبا تنبهوا لهذا الجانب منذ عقود ماضية، فتم تصميم برامج تستهدف قياس موهبة طلاب المراحل التعليمية المختلفة، فقد تم اكتشاف أهمية وجود العباقرة والأكثر ذكاء، ومدى تأثير هذه الفئة وتميزها في المجتمعات، بل ومساهمتها ليس في المخترعات، بل وفي حل المعضلات والمساعدة في تنمية بلادهم ونشر العلوم والمعارف، وبالتالي التقدم في هذا المضمار، إن عملية اكتشاف الموهوبين ورعايتهم تعتبر من أهم الأدوار التي يجب على المجتمع الحرص عليها؛ ذلك لأنهم الثروة البشرية الحقيقية لأي مجتمع من المجتمعات، هذا الأمر الذي دفع بعلماء النفس والتربويين للسعي نحو الكشف عن المتفوقين وأصحاب الموهبة من خلال رعايتهم والعناية بهم؛ لأنهم كوادر المستقبل في جميع المجالات العلمية والتقنية والإنتاجية والخدمية، لذلك نرى أن الدول تراهن في سباقها للحاق بركب التطور.

لذلك فإن من المهم أن نعرف أن اكتشاف الموهبة مسؤولية تقع على عاتق الأسرة، إذ من الضرورة أن يتعرف الآباء والأمهات على أبنائهم بطريقة صحيحة وموضوعية من حيث الملاحظة الدقيقة للطفل لاكتشاف مواهبهم والعمل على تنميتها بالتعاون بينهم وبين المدرسة.

إن توفير الإمكانات اللازمة للطفل وإبراز موهبته سوف يساعده على صقلها، ولا ننسى أن التعاون البناء مع المدرسة ضرورة لاكتشاف هذه الموهبة ودعمها ورعايتها.

لقد أثبتت الدراسات والبحوث أن المدرسة هي المكان المؤهل والقادر على الكشف عن الموهبة، بدءاً من مؤسسات التعليم ما قبل الابتدائي في دور الحضانة ورياض الأطفال، واستمراراً في المدرسة الابتدائية، وتمتد إلى ما بعد ذلك في التعليم الإعدادي والثانوي، فالمعلم بعد الأسرة من أفضل من يستطيع تحديد الأسلوب الأمثل للكشف عن الموهوبين باعتباره من أهل الخبرة الميدانية في التعامل مع الطلبة، كذلك لا يمكن أن ننسى دور الأندية الاجتماعية والرياضية والعلمية في العمل على اكتشاف الموهوبين من خلال المشاركة في أنشطتها المتعددة. 

ولوسائل الإعلام دور فعال في الكشف عن الموهوبين ورعايتهم ودعمهم والتعرف عليهم من خلال هذه البرامج الإعلامية التي تهدف لرعايتهم والاهتمام بهم وتشجيعهم لممارسة مواهبهم. 

أعتقد أننا بحاجة لبرامج وطنية يمكنها أن تدعم عشرات العشرات من الموهوبين والمبدعين، كلي أمل أن نشاهد برامج وطنية تتوجه لأبنائنا.