خالد بن حمد المالك

أفهم جيداً أن تدافع أمريكا والغرب عن أمن إسرائيل، وبقاء هذه الدولة آمنة ومستقرة، وأنها معنية بحمايتها، وصد أي محاولات لزعزعة استقرارها، أو تهديد وجودها، أو العمل على ما ينقص شرعيتها في بقائها في الأراضي الفلسطينية التي احتلتها عام 1948م حين مكنتها بريطانيا من قيامها دولة مستقلة، واعترفت بها الأمم المتحدة، فأمريكا والغرب لهم مصالح في وجود إسرائيل في منطقتنا.

* *

ولكن ما لا أفهمه، كيف يمكن أن تكون إسرائيل دولة مهددة في وجودها، ومعرضة للاعتداءات والزوال، وأنها في الموقف الأضعف أمام السكان الفلسطينيين، أصحاب الأرض الأصليين، وأنه لهذا يجب حمايتها، والذود عنها، ومنع أي أذى أو مساس باستقلالها، بينما هي المعتدية، والمحتلة، والدولة الأقوى عسكرياً في المنطقة، وهي من لا تقبل بأي حوار، ولا تفاهم، ولا استجابة لقيام دولة فلسطينية مجاورة لها على الأراضي التي احتلتها عام 1917م.

* *

أفهموني من الذي يُمارس حرب الإبادة في قطاع غزة والضفة الغربية، ويقتل المدنيين، ويحول البيوت والمزارع والمستشفيات والمدارس والمساجد إلى خراب وإلى أراض محروقة، ومن ذا الذي يرفض وقف إطلاق النار، ويلاحق الفلسطينيين لقتلهم أينما كان تواجدهم في فلسطين، أو في الدول الأخرى، ومن الذي يُحكم قبضته على سجون تضم الآلاف من المعتقلين الفلسطينيين، أليست هي إسرائيل التي تدعي أمريكا والدول الأوروبية بأنها في وضع تحتاج إلى حماية من المعتدين، فيما هي المعتدية؟.

* *

حسناً، حتى ينتهي هذا الصراع الدامي الذي مضى عليه أكثر من ثمانين عاماً، لم لا تلزم أمريكا إسرائيل بالقبول بخيار الدولتين، طالما أن الفلسطينيين والعرب والعالم يرون فيه الحل الدائم والعادل والمنصف، خاصة وأن واشنطن هي من تمول إسرائيل بالسلاح، وتؤازرها في حروبها المتكررة بالانتصار لها، وثم فلا عذر لها، ولا مبرر عندما تقف صامتة وغير مكترثة أمام رفض تل أبيب قيام دولة فلسطينية على حدود عام 1967م.

* *

صحيح أن إسرائيل في الموقف الأقوى بفضل الدعم الأمريكي والأوروبي، وأنه لولا هذا الدعم لما كان هذا الموقف المتعنت من إسرائيل، ولكن الصحيح أيضاً أنه بدون دولة فلسطينية، ودون تحقيق آمال الفلسطينيين في قيامها، فلن يستتب الأمن والاستقرار في إسرائيل، ولن يُحسم الصراع بالقوة العسكرية، وهو ما يجب أن تستوعبه أمريكا قبل إسرائيل، بعيداً عن الحسابات السياسية، والانتخابية، والانتماءات الدينية.

* *

كل الآمال والتمنيات أن يتفهم داعمو إسرائيل حق الفلسطينيين المشروع في خروج آخر استعمار لا زال يحتل أراضيهم سلماً ومن غير قتال، مع حفظ الأمان والاستقرار للدولتين المتجاورتين إسرائيل وفلسطين، بضمانات أممية، وبما يستجيب لقرارات الشرعية الدولية.