سعدت قبل ثلاثين عاماً بزيارة متجر «إل كورت انكليس El Corte Inglés»، في ماربيا، كنت أعتقد أنه متجر محلي، لكن بعد 30 عاماً اكتشفت أن فروعه تغطي كل أسبانيا، ويتواجد في دول أخرى عدة، حتى خارج أوروبا.

تأسست شركة «ال كورت» عام 1934 على يد رامون رودريغز، Ramón Areces Rodríguez في مدريد، كمحل خياطة صغير متخصص في ملابس الأطفال، ثم توسّع إلى متجر متعدد الأقسام، ومع نهاية الحرب العالمية الثانية توسّع بشكل كبير، ودخل أقرباء رامون معه في الشركة، وأصبح المتجر نشطاً في تسويق العقارات والسفر والتأمين وبيع مواد البقالة، وهيمن على تجارة التجزئة، من خلال شبكة فروعه وخدماته المميزة.

بعد وفاة المؤسس عام 1989، تولى الإدارة ابن أخيه، حتى وفاته في 2014، فتولت ابنته مارتا ألفاريز جيل الإدارة من بعد.

اسم الشركة الغريب يعني «القصّة الإنكليزية»، فأصل النشاط كان خياطة الملابس لأبناء النخبة، وفي تلك السنوات كان الذوق الإنكليزي هو السائد، ودليلا على الدقة والجودة، وأصبح هذا المتجر ذو الاسم غير الأسباني إحدى أكثر العلامات التجارية شهرة في أسبانيا.

أما متجر سيلفريدجز في لندن، فقد خطف أنفاسي عندما دخلته لأول مرة عام 1968، وكان، ولا يزال متجري المفضل، كلما زرت مربط الخيل، السابق. وهو واحد من أكثر المتاجر الكبرى شهرة في بريطانيا، وأوروبا، تميّز دائما بالابتكار والفخامة والنهج المميز في البيع بالتجزئة.

تأسس المتجر عام 1909، وحضرت احتفالية مرور 100 سنة على تأسيسه، على يد الأمريكي هاري سيلفريدج، قطب البيع بالتجزئة، وابن روبرت سيلفريدج، الذي هجر أسرته، فربّت الأم القوية لويس، معلمة المدرسة، أبناءه الأربعة، ولعبت دوراً مهماً في تشكيل شخصية الابن الأكبر هاري، كما كان زواجه من روز بكنغهام، الوريثة الثرية، نقطة تحوّل، حيث دعمت ثروتها طموحاته، وانتقل إلى لندن لتأسيس متجره الشهير، ولم يكن زواجهما مثالياً، بسبب أسلوب حياة هاري الباذخ وخياناته.

بعد وفاة هاري عام 1947، استمرت أسرته في العيش في بريطانيا وأوروبا، بدرجات متفاوتة من المشاركة في الحياة العامة. في حين لم ينجح أي من الأطفال في تكرار نجاح والدهم في مجال الأعمال، إلا أنهم ظلوا شخصيات اجتماعية بارزة بسبب اسم عائلتهم واتصالاتهم.

أما المتجر الثالث والأخير، الذي لعب دوراً رومانسياً في حياتي فهو «هارودز»، الذي أسسه تشارلز هارودز عام 1824 كمتجر بقالة صغير في إيست إند بلندن. وانتقل إلى موقعه الحالي عام 1849، وركّز في البداية على مواد البقالة. وفي عهد الابن تشارلز شهد المتجر نمواً كبيراً، ومع ستينيات القرن الـ19، توسّع أكثر، لكن حريق عام 1883 أجبر ملّاكه على إعادة بنائه، ومع عام 1894 تحوّل المتجر لشركة مساهمة، ومكّن ذلك شركة هاوس أوف فريزر، عام 1959، من الاستيلاء عليه، واستمر المحل في النمو، وبناء سمعة عالمية جيدة مرادفة للرفاهية والتجزئة الراقية، إلى عام 1985، عندما نجح رجل الأعمال المصري محمد الفايد، في شرائه، فغيّر الكثير فيه، وحدّثه وعزّز مكانته كعلامة تجارية فاخرة عالمية. وفي 2010 باع الفايد المتجر لشركة قطر القابضة بـ1.5 مليار جنيه إسترليني، وأتذكر أنه دفع في شرائه 600 مليون جنيه فقط.

أما المتجر الرابع والأخير، الذي أثّر في حياتي، فقد كان متجر والدي في سوق الطحين، ولا يزال قائماً في مكانه حتى اليوم، بعد أن تحوّل إلى مطعم سمك مشوي!


أحمد الصراف