سلطان ابراهيم الخلف

تتفاقم المشاكل الأمنية على الكيان الصهيوني منذ عملية طوفان الأقصى الانتقامية في شهر أكتوبر الماضي. كانت العملية مفاجأة للصهاينة على المستوى الاستخباراتي والمواجهة العسكرية، وفاجأت كذلك حليفتهم أميركا، التي سارعت إلى إرسال حاملة طائراتها «فورد» إلى البحر المتوسط للدفاع عن الصهاينة المصدومين من هول نجاح العملية التي تسبّبت في أسر العشرات من جنود الاحتلال ومستوطنيه.

ومنذ أكتوبر الماضي لم يحقق الصهاينة هدفهم في القضاء على المقاومة الفلسطينية في غزة، الأمر الذي صار كابوساً يلاحق رئيس وزرائهم الإرهابي نتنياهو وحكومته، وتسبّب في إثارة الخلاف بينه وبين أركان قادته العسكريين الذين أصابهم الملل من تخبطاته السياسية، وإصراره على استمرار الحرب دون نتيجة عسكرية على أرض الواقع.

ومن جانب آخر فإن الإرهابي نتنياهو يواجه معارضة شديدة من قبل المستوطنين الصهاينة الذين يتظاهرون كل يوم ويطالبونه بعقد صفقة مع «حماس» ووقف الحرب وإعادة أسراهم الذين يتساقطون ضحايا قنابل جيشه، وهو ما يتنافى مع تصريحاته من أن الهدف من الحرب هو إعادة أسراهم سالمين إليهم.

في تاريخ الاحتلال الصهيوني، لم يواجه الصهاينة إرهاقاً عسكرياً مثلما يواجهونه حالياً من عملية طوفان الأقصى. فهم يعيشون حالة استنفار عسكري مستمر، في مواجهة المقاومة في غزة، وجارتها الضفة الغربية، والداخل الفلسطيني الذي يشهد تزايد عمليات اغتيال للجنود والمحتلين الصهاينة، وهو ما يزيد من حدة الضغوط الأمنية على السلطات الصهيونية المحتلة في الداخل. ومن الطبيعي أن ما يرتكبه الصهاينة المحتلون من جرائم وحشية في غزة، قد أثار غضب الشارع العربي بأكمله دون استثناء، وهو ما يفسّر حقيقة العملية البطولية التي نفذها منذ أيام، المواطن الأردني ماهر الجازي الحويطي، في «معبر اللنبي»، وقتل فيها ثلاثة من الجنود الصهاينة بمسدسه أثناء عبوره من الأردن إلى الضفة الغربية المحتلة، الأمر الذي يضيف عبئاً جديداً ثقيلاً على قوات الاحتلال الصهيوني، في التركيز على تأمين الحدود مع الدول العربية ذات الحدود المشتركة مع فلسطين، علماً بأن مثل هذه الحوادث، لا يمكن التنبؤ بوقوعها، وهو ما يجلب صداعاً أمنياً مزمناً للصهاينة المحتلين.

الوضع الأمني المتأزم داخل المجتمع الصهيوني، عمّق حالة الانقسام بين فئات الصهاينة فوق ما كان عليه قبل طوفان الأقصى، حتى رأينا التراشق والسباب بين الصهاينة وهم يتحاورون في قنواتهم الفضائية، وصراحتهم في فضح أكاذيب الإرهابي نتنياهو وأفراد حكومته، والمطالبة بعزله. وحتى الأميركان يحاولون منفردين عقد صفقة مع «حماس» لإعادة أسراهم، بمعزل عن الإرهابي نتنياهو، ليعيش حالة من العزلة الفظيعة داخلياً وخارجيا، تحت كوابيس حربه على غزة.