إندلعت الحرب. بدأت مرحلتها الأولى، بعد منتصف ليل السبت- الأحد.

لم يكن أحد يرغب بحصول ما حصل، ولكن لم يكن أحد يفعل ما عليه، ليتجنبّها. لا إسرائيل فعلت. لا “حزب الله” استدرك، ولا القوى السياسية اللبنانية التي طالما حذرت من هشاشة الجبهة الداخلية، غلّبت واجباتها على رعبها ومصالحها، ولا المجتمع الدولي ثابر لينجح في ما زعم أنّه يريد أن يتجنّبه!

إذًا، إنّها الحرب!

حرب تسبّب بها “حزب الله”، لأنّه، وعلى الرغم من هزيمة “جبهة المؤازرة” في تحقيق هدف “رد الضيم عن غزة” ، أصرّ على عدم تحكيم العقل على جموح الكبرياء!

وبما أنّ الحرب قد وقعت، وبما أنّ “حزب الله” فقد فرصة فصل مصير لبنان عن مصير غزة، فلا بدّ من وضع وعود “حزب الله” في الميزان!

الوعد الدائم كان في إزالة إسرائيل وتحرير القدس وفلسطين. كان هذا الوعد مرتبطًا، بشكل مستمر، ب”حماقة” يمكن أن تُقدم عليها إسرائيل، ف”حزب الله” يكره الحمقى ولا يتردد في طرهم من الوجود إن تتحامقوا!

وها هي إسرائيل، بمعايير “حزب الله” للحماقة، تحامقت، على مدى أسبوع، أكثر ممّا يجب. لقد فاقت “حماقاتها” حدود التصوّر. فجرت البايجر بحامليه، وال”توكي ووكي” بالمتباهين به، وخرقت حصنًا منيعًا في الضاحية الجنوبية وقضت على ال” أنتتشبل”، على هؤلاء الذين “تقطع اليد إن امتدت عليهم” و”ينحني الكبار لتقبيل أحذيتهم”!

ولذلك، في ضوء هذه السلسلة من الحماقات، لا بدّ من تفعيل وعد طرد إسرائيل من الوجود!

لا يمكن أن تنتهي هذه الحرب، من دون أن يُظهر “حزب الله” أنّه على قدر وعد لم يتوقف عن “التبشير” به منذ أكثر من عشر سنوات!

لا يمكنه أن يتسبب بحرب ملؤها الموت والدمار والتفقير والتهجير، وينهيها مع وعد بتكرار المحاولة لاحقًا. الحروب ليست هواية والناس فيها ليسوا من ورق، لانتظار تحقيق الوعود الصارخة والهادرة والصاخبة، في جولات الإعادة!

أي حكومة تعد بما لا تفي تسقط. حزب الله، وإن كان يتسيّد على هذه الحكومة التافهة في بلادنا، إلّا أنّه ليس حكومة. ومع ذلك، فهذا لا يعفيه طالما أنّه يتحكم بالقرار السيادي، من خلال حصر كل السلطات في كنفه، من واجب إسقاطه، في حال خرج كاذبًا من هذه الحرب. في هذه الحالة، إسقاط “حزب الله” يصبح واجبًا دينيًّا وإسلاميًّا ومسيحيّا وإلهيًّا وأخلاقيًّا ووطنيّا وعربيّا وعالميًّا!

ولا يفترض أن يكون تحقيق هذا الوعد صعبًا على “حزب الله”، فعلى مدى السنوات الست الأخيرة، وعد “حزب الله” بأنّه في حال ارتكبت إسرائيل حماقة، فهو لن يكون وحده في الحرب، بل ستكون الى جانبه سوريا وإيران وتنظيمات “جبهة المقاومة” في اليمن والعراق وغزة والضفة الغربية وجميع “الأحرار” في العالم!

حسنًا، حان الوقت أن نرى هذا الوعد. قبل حسن نصرالله وعد يحيى السنوار نفسه بذلك. كان يرى، قبل سنة واحدة فقط من 7 تشرين الأول 2023، إسرائيل تغرق في طوفان ملايين المقاتلين الذين يخترقون حدودها من جنوب حسن نصرالله وشمال بشار الأسد وصنعاء الحوثي وكربلاء الحشد العراقي وشارع فلسطين في طهران ورام الله في الضفة ويافا وحيفا في إسرائيل، ومن كل حدب وصوب!

يحيى السنوار خُدع. هو كان موعودًا ولم يكن الممسك بأصحاب الوعد. نصرالله، إذا لم يحقق وعده لا يمكن أن يكون مخدوعًا لأنّه “مهندس جبهة المقاومة الموحدة”. في حال لم يحصل ما به وعد يكون هذا الذي بنى مجده على شعار “الوعد الصادق” مجرد “صادق في كذبه”!

أكثر من ذلك، فإنّ نصرالله لن يجد غضاضة في تحقيق هدفه السامي، فهو ملأ المنابر بتصوير إسرائيل على أنّها “أوهن من بيت العنكبوت”. نحن لم نصدق توصيفه هذا يومًا. اعتبرناه، على مقياس العقل، توصيفًا خاطئًا. هو لم يصر فحسب، بل استهزأ بنا أيضًا وسخر منّا وأهاننا وفلّت “زعرانه” علينا، وملأ شاشاتنا بالمأجورين الذين رأوا “الزر” الذي تحت أصبع “السيّد”. زر قالوا إنّه يفجّر إسرائيل عن بكرة أبي وزارة الدفاع التي فيها، بمجرد أن يتم الضغط عليه!

حسنًا، وقعت الحرب، وحان وقت الضغط على “الزر”. هذه المرة لن نشكك برجاحة عقل من أخبرونا عمّا رأت أعينهم. سوف ننتظر ونرى!

نحن في هذه الحرب، لا يمكن أن نقدّم أو نؤخر. نحن لسنا مدعوين الى أن نكون جزءًا منها، فلا نحن نخطب ود إسرائيل، ولا “حزب الله” يهتم بشأننا، ولهذا فنحن في موقع المراقبة، حيث إسرائيل لا تريد القضاء على “حزب الله”، بل تريد فقط إعادة سكان شمالها الى منازلهم ب”أمان”، وحيث “حزب الله” صاحب الأهداف الضخمة والتوصيفات الفظيعة!

ننتظر، ماذا يمكن أن يفعل “زر” نصرالله” ب”بيت العنكبوت” المحاط ب”جبهة المقاومة”!