اتصل بي صديقي الملياردير الأميركي آنكر جين، ليخبرني أنه سوف يتزوج قريباً، ويود أن يتم هذا الزواج في مكان غير تقليدي. وعرضت عليه أن يتزوج أمام «أبو الهول» ومن خلفه أهرامات الجيزة، لتكون أعظم آثار الفراعنة شاهدة على الزواج!
وكانت المشكلة أنه سوف يدعو أكثر من 150 شخصية مهمة، من رجال أعمال ومحافظين ووزراء سابقين، وهذا يحتاج إلى ضرورة إقناعهم بالحضور إلى مصر، وطمأنتهم بأنها بلد الأمن والأمان.
إن غالبية الناس في أميركا لا تعرف خريطة العالم، ولذلك عندما تحدث حروب في الشرق الأوسط يعتقدون أنها في مصر! وبالفعل تطوعتُ بالحديث إلى المدعوين، وإقناعهم بأن مصر آمنة. وكان آنكر قد زار مصر مع خطيبته للمرة الأولى في العام الماضي، وذهبا معي إلى الأقصر، وبعد هذه الرحلة ازدادا يقيناً بأن مصر هي أفضل مكان للزواج. وقبل بداية الرحلة، قام العريس وعروسه والمدعوون، وأنا معهم، برحلة «سفاري» في جنوب أفريقيا لمدة أربعة أيام، عدنا منها على متن طائرة خاصة من «مصر للطيران» إلى القاهرة، لتبدأ مراسم الزواج الأسطوري الذي تم في أكثر من مكان أثري وتاريخي في مصر.
أقيم الحفل الأول في قصر الأمير محمد علي بمنطقة المنيل، على الضفة الشرقية للنيل، في الجهة المقابلة لجامعة القاهرة. والقصر يعد أحد التحف المعمارية الرائعة التي تجمع كثيراً من مدارس الفن في العصور الإسلامية؛ حيث أسوار القصر على الطراز المغولي، بينما قاعة التتويج على الطراز العثماني. ويتكون القصر من كثير من المنشآت المعمارية المنفصلة بحديقة هي الأجمل على الإطلاق.
وفي اليوم التالي، استمرت مراسم الزواج بين أحضان الأهرامات و«أبو الهول»، وقد تم تقسيم المدعوين إلى ثلاث مجموعات، تدخل إلى حرم «أبو الهول» وتلتقط الصور التذكارية مع العريس وعروسه، ومن خلفهم أهرامات الجيزة. وفي المساء أقيم حفل عشاء داخل المتحف المصري الكبير، وأمام تمثال رمسيس الثاني العملاق.
وفي محاضرة قصيرة قبل العشاء، تحدثنا عن المتحف وما سوف يحويه من كنوز لا مثيل لها عند افتتاحه قريباً. وقدمت للعروسين هدية زواج عبارة عن مجلد ضخم كتبته عن الملك توت عنخ آمون.
وفي اليوم الثالث، وأمام «أبو الهول»، أُقيمت منصة وقف عليها العروسان لتتم مراسم الزواج، وينتقل الجميع إلى منطقة بانوراما الأهرامات؛ حيث أعدّت لهم خيمة كبيرة لحفل الزواج. وفي اليوم الأخير أقيمت مأدبة غداء داخل قصر جزيرة الذهب، ليكون زواجاً أسطورياً بحق.
ولكن ما أردت أن أقوله هنا: إننا قادرون على تسويق ما نمتلكه من كنوز لكي يدر دخلاً مادياً، من خلاله نستطيع الحفاظ على ما نمتلكه من تراث أثري.
ليس هناك ما يمنع من الترويج لمثل هذه المناسبات والاحتفالات، لجذب من يستطيعون الصرف وببذخ، فيُسعَدون هم وتستفيد آثارنا.
التعليقات