خالد بن حمد المالك

منذ ترك البيت الأبيض إثر خسارته في انتخابات 2020م والاتهامات تلاحقه، والمحاكمات الجنائية وغير الجنائية لم تتوقف، بل وصل الأمر إلى إطلاق النار عليه للحيلولة دون دخوله في السباق إلى البيت الأبيض، أو على الأقل لإرهابه من مواصلة الترشح في انتخابات 2024م، لكنه ظل صامداً، يواجه التحديات، ويبشِّر مناصريه بأنه سيفوز بولاية ثانية، رغم التشكيك الذي كانت عليه استطلاعات الرأي.

* *

لقد فاز ترامب بشكل كاسح، وخسرت منافسته المرشحة هاريس، بعد هزيمة مدوية، فيما كانت التوقعات أبعد ما تكون مما حدث، ولعل من أسباب ذلك، أنها في حملتها الانتخابية لم تستطع أن تخرج من عباءتي الرئسين أوباما وبايدن، وكأن فوزها لو تم سيكون نسخة من التوجهات لهذين الرئيسين، وخصوصاً أن حكم بايدن لم يكن مرضياً لشريحة كبيرة من الأمريكيين.

* *

تميّز حكم الرئيس ترامب عام 2016م حين كان الرئيس 45 بأنه لم يغرق الولايات المتحدة الأمريكية بحروب خارجية كما هي فترة الرئيس بايدن، بل إنه مد جسور التفاهم والحوار مع الصين وروسيا وكوريا الشمالية وغيرها، لتهدئة الاحتقان، والحد من الخلافات، والتفاهم على ما يعزِّز السلام والاستقرار في العالم.

* *

ومع أن هذه ضمن حسنات ترامب أثناء فترته الأولى رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، فإن ما يُؤخذ عليه انحيازه لإسرائيل، باعترافه بها دولة يهودية، ونقل السفارة الأمريكية لدى إسرائيل إلى القدس المحتلة، واعتبارها عاصمة موحّدة لإسرائيل، واعترافه أيضاً بالجولان السورية المحتلة بوصفها جزءاً لا يتجزأ من إسرائيل، مع إقفال المكتب الفلسطيني في أمريكا الذي هو بمثابة سفارة لفلسطين.

* *

وفي حملته الانتخابية 2024م التي فاز فيها برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، تحدث عن أنه سوف يوقف الحرب في غزة، وهو موقف ملزم إذا صدق، ولكنه لا يكفي، إذ إن عليه أن يقود بنجاح خيار الدولتين، وينجح في تحقيقها، ليكون زعيماً تاريخياً، حقق ما لم يحققه زعيم أمريكي آخر في التاريخ.

* *

رئاسة ترامب الثانية يتزامن معها سيطرة حزبه (الجمهوري) على مجلسي الشيوخ والنواب في التصويت، وهذا يعني أن الرئيس ترامب لن يواجه أي تحديات أو معوقات من الحزب (الديمقراطي) وسيكون تمرير قراراته مرناً في ظل التعاون والتفاهم اللذين سيكونان بين قيادة رئيس الولايات المتحدة وحزبه الجمهوري، دون أن تكون لدى الحزب الديمقراطي الفرصة لعرقلة برامجه التي قال إن من أولوياته أن يعيد أمريكا لتكون دولة عظيمة.

* *

إن وعود الحملات الانتخابية لا تكفي، فالأهم أن يتم تطبيقها، وأن تمارس أمريكا دورها بوصفها دولة قائدة وموجهة وعادلة في سياساتها الخارجية، فلا تظلم، ولا تنحاز دون وجه حق، وتكون برئيسها القديم الجديد صمام أمان للسلام في العالم، وهذا ما نتمناه من الرئيس ترامب، ونتطلع ألا يخذلنا كما خذلنا الرئيس بايدن في مواقف كثيرة، أبرزها موقفه الداعم لحرب الإبادة التي مارستها إسرائيل في قطاع غزة والضفة الغربية، ولاحقاً في لبنان.