عرفت البشرية، منذ الأزل، أن التفاحة العفنة تُفسد سائر التفاح. ذلك أن الفطريات تنتقل بسرعة مذهلة إلى الحبات المجاورة. العلماء توصلوا إلى دليل علمي تنطبق فيه «نظرية التفاحة الفاسدة» على معشر البشر.
إذ تبين أنه عند تشكيل مجموعات عمل صغيرة يُطلب منها تنفيذ مهام محددة، ثم يُضاف إليها «عمداً» شخصٌ يتصرف على نحو سلبي، فإن أداءهم يتدهور. ببساطة أضاف العلماء ثلاث شخصيات للفرق: «العدواني» وهو شخص وقح ويثير النزاعات، وآخر «غير مهتم» أي لا يبذل الجهد المطلوب ويعتمد على الآخرين، وجاءوا أيضاً بعنصر «متشائم» يتعمد التعبير عن شكوكه في نجاح المجموعة!
النتائج الصادمة كشفت لنا أن المجموعات التي تضمّنت عضواً سلبياً قد انخفض أداؤها بنسبة تصل إلى 40 في المائة مقارنة بالمجموعات الخالية من السلبيين. حتى جودة العمل تدهورت بنسبة الربع (25 في المائة) بسبب ذلك العامل السلبي. والعجيب أن الأمر قد حدث في غضون 30 إلى 60 دقيقة، فما بالنا بالإدارات وفرق العمل السنوية التي تعج بالسلبيين والمثبطين والكسولين. فما بالنا، أيضاً، بمن يرافق صديقاً سلبياً يمطره بوابل من المثبطات.
الباحث ويل فيلبس وزملاؤه كشفوا في دراستهم المنشورة في دورية السلوك التنظيمي أن هناك تأثيرات أخرى يجلبها لنا السلبيون إلى فرق العمل، منها ارتفاع حدة النزاعات، وتراجع مستويات تماسكنا، فضلاً عن تدني الروح المعنوية والرضا.
هناك من يجرّ خطاه جراً نحو عمله، لأن شخصاً واحداً أفسد أجواء العمل الودية، وبدد حماسة أفراده. البشر مثل التفاحة، ينتقل تأثيرها السلبي (العفن) إلى التفاح المجاور، وبسرعة كبيرة حينما تكون الأجواء مهيأة لذلك (كارتفاع الرطوبة)، ويتدنى التأثير السلبي في أجواء صحية (باردة)، كما يخبرنا علم الأحياء الدقيقة.
سلبية الفرد تمتد إلى أبعاد شتى. فالجندي المذعور في ساحات القتال، يوهن عزيمة رفاقه، والممثل غير الملتزم يفسد روعة المسرحية، والمتمرد في الفصل الدراسي قد يشعل في نفوس التلاميذ شرارة العصيان.
قيل إن الجامعة المرموقة «ستانفورد» لاحظت أن وجود طالب ذي سلوك سلبي في الفصل يؤثر على تحصيل زملائه بنسبة 25 في المائة. وحتى معشر الأطباء يمكن أن تزيد أخطاؤهم الطبية بنحو 37 في المائة بسبب أسلوب التواصل السلبي في وحدة العناية المركزة، وفق ما نُشر في دراسة دونشين (1995) وزملائه في مجلة «كريتيكال كير ميديسن».
فرق العمل كالعِقد الجميل، يمكن أن يفسد فص واحد بهاء منظره... وقيمته!
التعليقات