خالد بن حمد المالك

تعرض الرئيس الأمريكي لظلم لم يسبق لرئيس أمريكي أن واجه ما واجهه هذا الرئيس، فمن قوله إن فوزه في انتخابات عام 2020 سُرق منه بفعل فاعل، إلى إلصاق مجموعة من التهم، عرضته لأن يقف أمام القضاء، ويدان بـ 34 تهمة غير القضايا الأخرى، وكان يمكن أن تصدر ضده قرارات تنفيذ تقوده إلى السجن، بل إنه تعرّض لمحاولتي اغتيال فاشلتين لمنعه من حقه الدستوري في منافسة مرشحة الديمقراطيين في السباق إلى البيت الأبيض.

* *

فإذا كان الرئيس ترامب يعلن صراحة في كل مناسبة، بأنه ظُلم، وكان ضحية مؤامرات ضده، وأنه كان متهماً بقضايا افتعالية من خصومه، بصرف النظر عن وجاهة دفوعاته من عدمها، ألا يحق لنا أن نقول بأنه ظلم الشعب الفلسطيني، وندعوه لمراجعة مواقفه من الشعب الفلسطيني خلال فترته الثانية، وأن عليه إحقاق حق الفلسطينيين في دولة على أراضيهم، يعيشون فيها بأمن وسلام، تنفيذاً لقرارات الشرعية الدولية التي اعترفت بها الولايات المتحدة في فترات عدد من رؤساء أمريكا، وبالتالي فلا يُكتفى منه فقط بإيقاف القتال في غزة، بعد حرب الإبادة التي مارستها إسرائيل عياناً بياناً بوحشية على مدى أكثر من عام.

* *

لقد أخذ الرئيس ترامب قرارات مفصلية وخطيرة لحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة في إقامة دولته على أراضيه التي احتلتها إسرائيل في العام 1967م، باعترافه بالقدس عاصمة موحَّدة وأبدية لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية لها، واعتبار إسرائيل دولة يهودية، تمهيداً ولحرمان الملايين من العرب الفلسطينيين الذين يقيمون في أراضيهم من حقوقهم المشروعة، وهناك دعوات إسرائيلية، ومن يهود أمريكا للرئيس ترامب لضم الضفة الغربية لإسرائيل فور أن أعلن عن فوزه برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما لا نتمنى الانسياق إلى هذه الدعوات، وأن يكون عادلاً ومنصفاً، ومثلما رفض أن يُظلم، ألا يظلم الشعب الفلسطيني.

* *

إن أملنا بالرئيس ترامب جد كبير في أن يأخذ مساراً مختلفاً عن مساره في ولايته الأولى، فيحقق الحق، ويتجنب الظلم، ويعمل بعيداً عن الضغوط بما يجعله الرئيس الأمريكي التاريخي الذي لن يتكرر، فكيف به لو ترك أثراً تاريخياً كبيراً من خلال إقامة دولة فلسطينية، وهو بالتأكيد قادر، ويستطيع أن يحقق ذلك.

* *

لقد عانت منطقتنا على مدى ثمانين عاماً من عدم الاستقرار، بسبب إسرائيل، ودعم القوى الكبرى لها في سياساتها وعدوانها، ما جعل الأمن والسلام في حالة غياب تام، ليس في منطقتنا فحسب، وإنما كان امتداده وخطورته وآثاره المدمرة يصل إلى مناطق أبعد، وإلى دول لا علاقة لها بهذا الصراع، انجرت إليه، وفقاً لمصالحها، وموقفها من هذا الطرف أو ذاك.

* *

نريد يا فخامة الرئيس التصالح والمصالحة مع الفلسطينيين، والعودة إلى قرارات الشرعية الدولية، وتنفيذها، بعيداً عن المواقف والأجندات والسياسات التي أثبتت العقود الماضية بكل أحداثها وتطوراتها بأنها لا تخدم أحداً، بما في ذلك إسرائيل ومن يدعمها، متطلعين إلى فترة رئاسية جديدة لكم، تكون فيه منطقتنا والعالم مزدهرة وآمنة ومستقرة متى ما حققتم قيام الدولة الفلسطينية على أراضي 1967م، وعاصمتها القدس الشرقية، ولا نعتقد أن هناك ما هو أفضل من خيار الدولتين لطي صفحة الصراع المزمن في المنطقة.