محمد سليمان العنقري

أُعلن الأسبوع الماضي عن الميزانية العامة للدولة للعام القادم بإنفاق توسعي يشير إلى تحقيق عدة أهداف اقتصادية وتنموية، من خلال الوصول لمعدلات نمو كبيرة تصل إلى 4,6 بالمائة يأتي جله من الناتج الإجمالي غير النفطي، فالميزانيات أرقام ترصد لتترجم أهدافاً عدة، وفي هذه الميزانية التي تدعم تحقيق مستهدفات رؤية 2030 بشكل عام إنما ايضاً هناك أهداف مرحلية، أولها استمرار النمو الذي يولد وظائف مجزية للمواطنين إضافة لزيادة الطاقة الاستيعابية بالاقتصاد؛ مما يساهم بزيادة العرض من السلع والخدمات بهدف السيطرة المستدامة على التضخم، إضافة لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية والتركيز على زيادة مساهمة القطاع الخاص بالاقتصاد، مع استمرار التركيز على تطور الاستدامة المالية بتقليص أثر تقلبات إيرادات النفط في موارد الخزينة العامة من خلال تنشيط كافة القطاعات الاقتصادية لتنويع مصادر الدخل والإصلاحات الاقتصادية بشكل عام.

ولقد قدرت المصروفات عند 1285 مليار ريال والإيرادات عند 1184 مليار ريال بينما سيبلغ العجز 101 مليار ريال، وهو اختياري لأنه نابع من الزيادة بالإنفاق الرأسمالي أي الاستثمار بهدف دعم النمو، خصوصاً أن الدين العام مازال دون 30 بالمائة من الناتج المحلي وهو من أقل النسب بالمقارنة مع دول مجموعة العشرين الكتلة الاقتصادية الأكبر بالعالم، وعادة ما يكون التمويل عبر طرح أدوات دين حكومية سيادية لصالح وزارة المالية عبر مركز إدارة الدين الذي طور آليات عديدة للتمويل.

وهنا يبرز تساؤل حول إمكانية إضافة أساليب جديدة لتمويل المشاريع عبر طرح أدوات دين مباشرة على تلك المشاريع التي تدر دخلاً، فهناك مشاريع تطرحها أمانات المدن تحقق عائداً، فلمَ لا يكون هناك طرح مباشر لصالح تمويل هذه المشاريع، وتقوم الأمانات بالتعاون مع مركز إدارة الدين بوضع الآلية المناسبة لذلك، ويكون السوق المالي هو المنصة التي يجمع من خلالها التمويل، وينطبق الأمر على مشاريع المطارات والموانئ والقطارات داخل وخارج المدن، وكذلك الشركات الحكومية ذات البعد التجاري في عملها والعديد من المشاريع التي تحقق عائداً ولها هدف تجاري، وبذلك يصبح الدين موزعاً على المشاريع وليس على جهة واحدة، وهو أيضاً ما يساعد بتطوير العمل التجاري الحكومي ويرفع من منهجية دراسة المشاريع لتحقيق أفضل عائد وبكفاءة تشغيل وإنشاء عالية.

الدولة تنفذ أكبر خطة تنموية بتاريخ المملكة التي أثمرت عن نتائج مبهرة بوقت قياسي ارتفع فيه الناتج الإجمالي بحوالي 65 بالمائة خلال حوالي سبعة أعوام ليصبح حجمه بأكثر من 1،1 تريليون دولار، وسيستمر النمو حتى يقارب ضعف هذا الرقم بالعقد القادم، ومن خلال تطوير القطاع المالي الذي تقوده وزارة المالية تحققت أهداف كثيرة بالاستدامة المالية ورفع كفاءة الإنفاق إضافة لتنظيم سوق الدين السيادي وتطوير السوق المالية، إضافة للتوسع بشركات التقنية المالية وغير ذلك من مرتكزات القطاع، ومع حجم المشاريع الضخم والمستهدفات القادمة وضرورة أن يكون حجم السوق التمويلية ضخماً جداً تبرز أهمية الانتقال لابتكار آليات تمويل مختلفة للقطاعين العام والخاص لجذب الاستثمارات محلياً واجنبياً، وتطوير عمل جهات تنموية عديدة في طريقة تنفيذ وتمويل مشاريعها بشكل مباشر؛ مما يعني أننا بحاجة لأن نشهد نمواً كبيراً في سوق أدوات الدين بمعدلات تفوق نمو الاكتتابات في سوق الأسهم.